إنهم إذا أنفقوا المال في سبيل الشيطان والهوى والفساد ، ورجوا منه الثواب والنفع ، فهم لن يجدوا في الآخرة إذا قدموها إلا الحسرة والندامة ، ومثلهم مثل من زرع زرعا ، وتوقع منه خيرا ونفعا ، فأصابته ريح ، فأحرقته ، فوقف مبهوتا حائرا ، إن الله يتقبل من المؤمنين المتقين ، ويثيب المخلصين ، وما ظلم الله الكافرين ، بل جازاهم وكافأهم على عملهم الشر بالشر ، وكانوا هم الظالمين لأنفسهم.
إن الانحراف عن هدي الله وضلال الاعتقاد أساس بلاء الإنسان في الآخرة ، وهو أيضا سبب ضياع ثمرة الأعمال الصالحة التي عملها الشخص على أرضية غير مؤمنة ، ويكون مصيره الخزي والذل والندامة والزج به في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا.
اتخاذ بعض الأعداء مستشارين
يحرص القرآن الكريم على تماسك الأمة وتناصحها ، ويحذرها من التعثر ومداخل الشر والسوء ، ويحميها من استشارة المشبوهين والمعادين ، ومن اتخاذ فئة من الأعداء في مواطن السر والاطلاع على دخائل الأمور وأسرار الدولة والولاة والحكام ، لذا قال الله تعالى :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبالاً وَدُّوا ما عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضاءُ مِنْ أَفْواهِهِمْ وَما تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ (١١٨) ها أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتابِ كُلِّهِ وَإِذا لَقُوكُمْ قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذاتِ (١) (٢) (٣) (٤) (٥)
__________________
(١) بطانة الرجل : خاصته وأهل مشورته وأمناء سره.
(٢) أي لا يقصرون في إيصال الخبال : وهو الشر والفساد إليكم.
(٣) أي تمنوا إيقاعكم في العنت ، أي المشقة والحرج.
(٤) انفردوا.
(٥) أشد الغضب.