سبب نزول آية التعدد : هو ما ورد في الصحيحين عن عروة بن الزبير : أنه سأل خالته عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها عن هذه الآية ، فقالت : يا بن أختي ، هذه اليتيمة تكون في حجر وليها يشركها في مالها ، ويعجبه مالها وجمالها ، فيريد أن يتزوجها من غير أن يقسط في صداقها ، فلا يعطيها مثل ما يعطي أترابها من الصداق ، فنهوا عن ذلك ، وأمروا أن ينكحوا ما طاب لهم من النساء مثنى وثلاث ورباع.
ومعنى الآية : إن خفتم أيها الأولياء من الظلم أو عدم العدل في أموال اليتامى وتحرجتم من أكلها بالباطل ، فخافوا من الوقوع في ظلم آخر أشد ضررا وهو ظلم النساء بالتزوج بنساء كثيرات ، فكان العربي في الجاهلية يتزوج العشر وأكثر وأقل ، وفي هذا ظلم مؤكد ، وطريق إنهاء هذا الظلم هو بالاقتصار على الزواج عند الحاجة أو الضرورة على أربع كحد أقصى دون تجاوز ، بشرط توافر العدل المادي في المعاملة ، وبشرط توافر القدرة على الإنفاق. وبما أن تحقق العدل بين النساء أمر صعب ونادر ، فإن الشريعة أمرت بالاقتصار على زوجة واحدة ، وهذا هو الأصل العام في الإباحة كما قال الله تعالى هنا : (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً) وقال في آية أخرى : (وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً (١٢٩)) [النساء : ٤ / ١٢٩].
ومن الظلم في مجال الزواج ما يفعله كثير من الرجال من إلجاء المرأة للتنازل عن مهرها كله أو بعضه ليوافق على طلاقها ، فالله تعالى أمر بإعطاء النساء كامل مهورهن دون أخذ شيء منه ، المعجل والمؤجل ، فإن حدث التنازل عن بعض المهر من الزوجة أو من وليها تلقائيا وبرضا مطلق واختيار ، دون إكراه مادي أو أدبي ، جاز ذلك.
إن تعدد الزوجات جائز مباح في الإسلام ، وليس كل مباح مرغوبا فيه ، فهو غير