وعلى كل حال في بيان سبب النزول ، تطالب هذه الآية إعطاء الأيتام حقوقهم كاملة ، سواء من إرث غيرهم ، أو بتسليم مالهم إليهم عند البلوغ ، فيجب على الأولياء والأوصياء دفع أموال اليتامى إليهم إذا بلغوا الحلم كاملة موفرة ، ينهى عن أكلها وضمها إلى أموال الأوصياء ، أيها الأوصياء إياكم أن تتمتعوا أو تنفعوا بمال اليتيم في موضع يجب أن تتمتعوا فيه بمالكم. فإنكم أخذتم من ماله ، وتركتم مالكم ، تكونوا قد استبدلتم الخبيث بدل الطيب ، والحرام بدل الحلال ، وهذا منهي عنه شرعا ، وموقع في الإثم والذنب العظيم.
هذا مظهر من مظاهر رعاية اليتيم في الإسلام ، وهو يدل على جانب تشريعي مهم جدا هو ألا يستغل القوي الضعيف ، والكبير الصغير وأن يراقب الإنسان ربه في كل عمل ، لأن الله تعالى سائل كل إنسان عن كل صغيرة وكبيرة.
إعطاء الضعفاء أموالهم
المال نعمة وثروة للفرد والجماعة ، فتجب المحافظة عليه وتنميته والبعد عن إهدار الثروة المالية في غير فائدة ، وليس الحق في المال خاصا بصاحبه ، وإنما للأمة والجماعة حق الإشراف على كيفية استعمال المال واستثماره وتنميته بالوجوه المشروعة المحققة للمصالح الخاصة والعامة ، لذا لم يجز الإسلام تسليم المال لتنميته وإنفاقه لمن ليس أهلا لرعايته وحفظه ، مثل السفهاء المبذرين الذين لا يحسنون التصرف في المال ، والأيتام الذين تنقصهم الخبرة في إدارة المال وتشغيله واستثماره ، وإنما يترك المال بيد القوّام المشرفين بمقتضى الولاية الشرعية على أحوال هؤلاء المتخلفين بسبب الطيش أو بسبب الصغر.