المتخلفين عن القيام بالواجب والمشاركة بالجهاد وخوض المعارك من غير عذر شرعي.
قال الله تعالى مقررا هذا المبدأ : (لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلاًّ وَعَدَ اللهُ الْحُسْنى وَفَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً (٩٥) دَرَجاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً (٩٦)) (١) [النساء : ٤ / ٩٥ ـ ٩٦].
روى البخاري وغيره أن الآية لما نزلت : (لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) جاء عبد الله بن أم مكتوم ـ وكان أعمى ـ حين سمعها ، فقال : يا رسول الله ، هل من رخصة ، فإني ضرير البصر؟ فنزلت عند ذلك (غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ) فاستدعى النبي صلىاللهعليهوسلم أحد كتاب الوحي ، فجاءه ومعه الدواة واللوح والكتف ، فقال : اكتب (لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجاهِدُونَ).
والآية تقرر أنه لا مساواة في الشرع والطبع والعقل بين المؤمنين المجاهدين بأموالهم وأنفسهم وبين القاعدين بأنفسهم ، المتكاسلين حرصا على الراحة والنعيم والبعد عن المخاطر والتضحيات. وقوله تعالى : (بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ) هي الغاية في كمال الجهاد ، لقد فضل الله المجاهدين على القاعدين بالأجر العظيم ، ومنحهم الدرجات العالية في الجنان ، والظفر بالمغفرة الكبيرة الواسعة من الله تعالى بسبب ما قدموا من جهود وتحملوا من أعباء ومتاعب ، وتعرضوا للظمأ والعطش ، والجوع في سبيل الله ، وأغاظوا الأعداء ، ودافعوا عن البلاد والحرمات ، وقمعوا العدوان ، وأحبطوا مكائد المعتدين ، وردوا كيدهم في نحورهم ، وحققوا لواء العزة والمجد للمؤمنين وديارهم فلا غرابة أن يستحقوا الرضوان الإلهي ، وتعمهم نفحات الرحمة والفضل الواسع.
__________________
(١) أصحاب الأعذار المانعة من الجهاد.