مصدّقا (١) ، فرجع من بعض الطريق ظانا أنهم خرجوا للاعتداء عليه ، وقال للنبي صلىاللهعليهوسلم : إنهم قد منعوا الصدقة ، وطردوني وارتدوا ، فغضب النبي صلىاللهعليهوسلم ، وهمّ بغزوهم ، وبعث خالد بن الوليد إليهم ، فورد وفدهم للنبي منكرين لما حدث ، وأظهروا حسن نواياهم واستعدادهم لإيتاء الزكاة.
ومعنى الآية : أيها المؤمنون بالله ورسوله إن أتاكم فاجر لا يبالي بالكذب ، بخبر من الأخبار فيه إضرار بأحد ، فتثبتوا في تصديق الخبر ، وتبصروا في الأمر الواقع والخبر الوارد ، حتى تتضح حقيقته وتظهر ، لئلا تمسوا قوما بضرر لا يستحقونه ، فتصبحوا نادمين مغتمين على ما فعلتم بهم من إصابتهم بالخطإ ، وتعجيل اتهامهم بالسوء. أخرج ابن جرير الطبري وعبد بن حميد عن قتادة : أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال حينما نزلت هذه الآية : «التثبت من الله ، والعجلة من الشيطان». والآية تعد قانونا عاما لجميع الناس تطالبهم بضرورة التبين قبل قبول الكلام المنقول والخبر المروي ، تحسينا للظن ، أو بعدا عن إساءة الظن بأحد من الناس ، والله يقول الحق ، وهو يهدي السبيل.
درجات الناس في المشاركة بالجهاد
الإسلام دين الواقع العملي والظروف الإنسانية المواتية ، فلا يكلف الناس بتكاليف لا يطيقونها أو لا يتحملونها ، فهو أي الإسلام إن فرض الجهاد على الرجال القادرين على حمل السلاح ، يستثني أصحاب الأعذار وأولي الضرر ، ولا يعقل أن يكون هناك مساواة بين المجاهدين البواسل ذوي الجرأة والإقدام ، وبين المتقاعسين
__________________
(١) أي جابي الزكاة أو الصدقات.