أما المستكبرون والمتجبرون أو العتاة والظلمة ، فالقرآن يشفق عليهم ، ويعالج أمراضهم إما بالتهديد والوعيد أحيانا ، وإما بتذكيرهم بحقوق الآخرين عليهم ، وإما بإثارة العواطف الإنسانية الخفية في مشاعرهم وإحساساتهم.
ومن مظاهر الظلم الدفين الذي يشيع أحيانا ، ولا يحس الناس بخطره ولا نجد له علاجا اجتماعيا حاسما : إلحاق الظلم بحقوق النساء من الزوجات والبنات والأخوات في المواريث واقتسام التركات ، فيكاد المستأثر بالحظ الأوفى هم الرجال ، وحرمان النساء أو انتقاص حقوقهن ، لذا قال الله تعالى مبينا علاج هذه الظاهرة :
(وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَما يُتْلى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ فِي يَتامَى النِّساءِ اللاَّتِي لا تُؤْتُونَهُنَّ ما كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدانِ وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتامى بِالْقِسْطِ وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ كانَ بِهِ عَلِيماً (١٢٧)) (١) [النساء : ٤ / ١٢٧].
نزلت هذه الآية بسبب سؤال قوم من الصحابة عن أمر النساء وأحكامهن في المواريث وغير ذلك.
روى البخاري عن عائشة في سبب نزول هذه الآية قالت : هو الرجل تكون عنده اليتيمة هو وليها ووارثها ، قد شركته في مالها ، حتى في العذق (النخلة بحملها) فيرغب عن أن ينكحها ، ويكره أن يزوجها رجلا ، فيشركه في مالها ، فيعضلها (يمنعها عن الزواج) فنزلت. وروى ابن أبي حاتم عن السدّي : كان لجابر بنت عم دميمة ، ولها مال ورثته عن أبيها ، وكان جابر يرغب عن نكاحها ، ولا ينكحها خشية أن يذهب الزوج بمالها ، فسأل النبي صلىاللهعليهوسلم عن ذلك ، فنزلت.
__________________
(١) بالعدل.