يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً فَاللهُ أَوْلى بِهِما فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً (١٣٥) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلى رَسُولِهِ وَالْكِتابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً (١٣٦)) (١) (٢) [النساء : ٤ / ١٣٥ ـ ١٣٦].
قال السّدّي : لما نزلت آية (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ) في النّبي صلىاللهعليهوسلم اختصم إليه رجلان : غني وفقير ، وكان صلىاللهعليهوسلم مع الفقير ، يرى أن الفقير لا يظلم الغني ، فأبى الله إلا أن يقوم بالقسط في الغني والفقير.
الأمر بالعدل إذن عام شامل الناس جميعا ، لا فرق بين غني وفقير ، ولا بين عالم وجاهل ، ولا بين مسلم وغير مسلم ، ولا بين كبير وصغير ، يأمر الله تعالى عباده المؤمنين أن يلتزموا العدل في كل شيء ، في أقوالهم وأفعالهم ، وأن يتعاونوا ويتعاضدوا في إقامة العدل ، دون أن تأخذهم في الله لومة لائم.
ومن أخصّ ما يطلب فيه العدل : الحكم بين الناس ، والقضاء في الخصومات ، وأداء الشهادات أمام القاضي وغيره ، فعلى القائمين بهذه الوظائف أن يعملوا بالحق ، ويشهدوا بالحق ، ويتحرّوا الحق الذي يرضي الله تعالى ، ويؤدّوا العمل أو الشهادة ابتغاء وجه الله ، لتكون الشهادة صحيحة عادلة حقّا ، من غير مراعاة أحد ولا محاباة.
إن نبراس العمل وأساس الشهادة بالحق المجرد ، ولو كانت الشهادة على النفس والأقربين ، ويكون ذلك بالإقرار بالحق وعدم كتمانه ، فمن أقرّ على نفسه بحق ، فقد شهد عليها ؛ لأن الشهادة إظهار الحق.
__________________
(١) كراهة أن تعدلوا عن الحق.
(٢) تتركوا إقامتها.