صالح الأعمال التي تغسل أدران النفاق ، والاعتصام بالله ، أي الثقة به والتمسك بكتابه والاهتداء بهدي نبيّه المصطفى ، صلوات الله وسلامه عليه ، والشرط الرابع هو إخلاص الدين والعمل لله ، بأن يدعوه الإنسان وحده ، ويتجه إليه اتّجاها خالصا ، لا يستمدّ العون من غيره ، ولا يلجأ لأحد سواه في كشف الضّر ، وجلب النفع ، كما قال الله تعالى محددا شعار الإخلاص : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ).
هذه شروط قبول توبة المنافق ، أما الكافر فشرط توبته فقط هو الانتهاء عن الكفر ، كما قال الله تعالى : (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ) [الأنفال : ٨ / ٣٨]. والمنافق : هو من أظهر الإيمان وأبطن الكفر ، والكافر : من أعلن الكفر صراحة.
هؤلاء التائبون هم مع المؤمنين ، أي أصحاب المؤمنين ورفاقهم في الدنيا والآخرة ، وفي زمرتهم ولهم ثوابهم يوم القيامة.
وسوف يعطي الله المؤمنين أجرا عظيما لا يعرف قدره ، فيشاركونهم فيه ، كما قال الله تعالى : (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٧)) [السّجدة : ٣٢ / ١٧].
ثم أبان الله تعالى سبب تعذيب المنافقين والكفار : وهو كفرهم بأنعم الله ، فقال سبحانه مستفهما استفهاما إنكاريّا : ماذا يريد الله بعذابكم أيها الناس؟ إنه يعذبكم لا من أجل الانتقام والثأر ، ولا من أجل دفع ضرّ وجلب خير له ؛ لأن الله غني عن كل الناس ، وهو الذي لا يجوز عليه شيء من ذلك ، لتنزهه عن كل صفات النقص ، وهو الذي لا يثأر ولا يريد الشّر لعباده ، ولكنه أيضا عادل حكيم ، لا يسوي بين الصالح والطالح ، والمؤمن والكافر ، فمن شكر نعم الله تعالى ، وأدّى حقوق الله