ومعنى الآية : يا أيها المؤمنون بالله ورسوله لا تحلّوا معالم الله ، ولا تتعدّوا حدود الله وطاعاته في أمر من الأمور ، وبخاصة مناسك الحج ومشاعره ، فلا تتهاونوا بحرمتها ، ولا تخلّوا بأحكامها ، ومكّنوا جميع المسلمين من أداء مناسك الحج. فالمراد بشعائر الله : مناسك الحج ، وجميع ما أمر الله به أو نهى عنه ، وما حدّ تحريمه في الإحرام.
ولا تنتهكوا بالقتال والعدوان حرمة الأشهر الحرم ، وهي أربعة : ذو القعدة وذو الحجة والمحرّم ورجب ، فلا تقاتلوا المشركين فيها ، ولا تبدّلوها بغيرها ، كما كان العرب يفعلون في الجاهلية من عملية النّسيء ، أي تأخير حرمة شهر حرام إلى غيره ، ولا تحدثوا في أشهر الحج ما تصدّون به الناس عن الحج. ولا تعترضوا الهدي (الشاة ونحوها) المهدي للحرم أو المسوق له ، بالغصب أو الأخذ ، أو المنع من بلوغ محلّه ، حتى لا يصل إلى الكعبة. وسمي شهرا حراما لتحريم القتال فيه في الماضي.
ولا تنتهكوا حرمة ذوات القلائد : وهي ما قلّد به الهدي مما يعلق في عنق البعير ونحوه من قلادة ليعلم أنه هدي ، فلا يتعرّض له ، وذلك يشمل الهدي المقلّد والذي لم يقلّد. ولا تحلّوا حرمة قوم قاصدين المسجد الحرام فتغيروا عليهم ، حالة كونهم يطلبون من الله الفضل ، أي الرزق والثواب ، والرضوان ، أي رضا الله عنهم. وإذا فرغتم من إحرامكم وحللتم منه ، وأنتم في غير أرض الحرم ، جاز لكم ما كان محرّما عليكم في حال الإحرام وهو الصيد ، فاصطادوا حينئذ كما تشاؤون. ولا يحملنكم بغض قوم وكراهيتهم ، كانوا قد صدّوكم عن الوصول إلى المسجد الحرام ، وذلك عام الحديبية ، على أن تتعدوا حكم الله ، فتعتدوا عليهم. وتعاونوا على البر : وهو كل ما أمر به الشّرع أو نهى عنه ، ولا تتعاونوا على الإثم ، أي الذنب والمعصية : وهي كل ما منعه الشرع ، واتّقوا الله بفعل ما أمركم به واجتناب ما نهاكم عنه ، إن الله شديد