المؤمنين الصادقين ، وإن الله لا يوفق إلى الحق والخير القوم الظالمين أنفسهم بموالاة أعدائهم والاعتماد عليهم أيّا كان السبب.
وهذا النهي متعلق في شأن تعميق الصّلات والرّوابط والأحلاف مع غير المؤمنين ، أما مجرد المعاملة والمتاجرة من غير مخالطة عميقة الجذور ، فلا تدخل في النّهي ، فقد عامل رسول الله صلىاللهعليهوسلم يهوديا ، ورهنه درعا.
ثم ميّز الله تعالى بين الموالي لأمّته وبين المعادي لها ، المنضمّ إلى صفّ الأعداء ، فأخبر الله نبيّه بقوله : ترى يا محمد أولئك المنافقين الذين في قلوبهم شك ونفاق ، وإيمانهم ضعيف غير صحيح ، ترى هؤلاء يبادرون في موالاة الأعداء ، ويرغبون فيها رغبة أكيدة خالصة للشيطان ، ويتصادقون معهم صداقة حميمة ، ويقولون معتذرين بسبب انهزام نفوسهم وضعفها : نخاف أن نتعرض لدائرة تدور علينا ، من دوائر الدهر ، وأن تكون لهم الغلبة والتّفوق ، وأن تكون لنا الهزيمة والضعف ، والدائرة معناها : النازلة من الزمان ، والحادثة من الحوادث التي تحوجنا إلى موالينا وأنصارنا من اليهود الأعداء.
ولكن هؤلاء المنافقين الانهزاميين نسوا جانب الله وتركوا مقتضى الإيمان ، فالله يعد المؤمنين وعدا جازما بالنصر والغلبة ، والفصل بين أهل الإيمان وجند الشيطان ، فيصبح المتواطئون مع الأعداء نادمين على ما أسرّوا في أنفسهم من مناصرة أهل الباطل وجند الشيطان وأعداء أهل الإيمان. وقوله تعالى : (فَعَسَى اللهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ) وعد قاطع من الله ؛ لأن عسى من الله واجبة التحقيق.
وظاهرة الفتح في هذه الآية : علو كلمة الإسلام ، وتغلّب رسول الله صلىاللهعليهوسلم على أعدائه الذين يخططون للقضاء على دعوته وإضعاف أنصاره.
لذا يقول الذين آمنوا متعجّبين من فعل المنافقين ومخاطبين الأعداء : أهؤلاء الذين