إِلاَّ إِلهٌ واحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٧٣) أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٧٤) مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآياتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (٧٥)) (١) (٢) (٣) [المائدة : ٥ / ٧٠ ـ ٧٥].
تضمّنت هذه الآيات الكريمات أخبارا مثيرة ووقائع حدثت من أوائل الكتابيين ، الخبر الأول ـ يقسم الله تعالى بذاته على أنه أخذ العهد المؤكد الموثق على بني إسرائيل في التوراة على السمع والطاعة لله ورسله : موسى وعيسى ومحمد عليهم الصّلاة والسّلام ، فيؤمنوا بالله وحده لا شريك له ، ويتّبعوا أحكام الله وشرائعه ، ولكنهم نقضوا العهد والميثاق وعاملوا الرّسل بحسب أهوائهم ، فكذّبوا بعضهم وأعرضوا عن رسالته ، وقتلوا بعضهم ظلما وعدوانا.
والخبر الثاني ـ أنهم ظنّوا وتيقّنوا ألا يترتب على ما صنعوا شرّ وضرر ، وألا تقع بهم فتنة ، أي اختبار وابتلاء لهم بما فعلوا من الفساد ، لزعمهم أنهم أبناء الله وأحبّاؤه ، ولّجوا في شهواتهم ، واختبروا بالشدائد ، ولكنهم لم يتّعظوا ولم يعتبروا ، وعموا عن الحق ، ولم يتبصّروا طريق الهدى ، فشبّهوا بالعمي ، وصمّوا آذانهم عن استماع الحق وعن تدبر آيات الله ، فشبّهوا بالصّمّ ، فلم يهتدوا إلى الخير ، وتسلط عليهم البابليّون ونهبوا أموالهم ، وسبوا أولادهم ونساءهم ، ثم تاب الله عليهم مما كانوا فيه ، أي رجع بهم إلى الطاعة والحق ، حين أنابوا لربّهم وتركوا الفساد والشّرّ وعبادة العجل ، ثم أعادوا الكرة للانغماس في الشهوات ، فعموا عن المواعظ ، وصموا آذانهم عن آيات الله ولم يعتبروا بالإنذارات ولم يتّعظوا بالشدائد والحجج
__________________
(١) مضت.
(٢) كثيرة الصدق مع الله تعالى.
(٣) أي يصرفون عن الحق مع قيام البرهان.