دائرة الحق والعدل فيه ، وترك المنكر حتى لا يفشو كالنار في الهشيم أو الزرع اليابس ، ومن الواجب تكتل الأفراد والجماعات والسّعي لاستئصال شأفة الفساد الديني ، والخلقي والاجتماعي في مظلّة السلطة المؤمنة.
وسبب الانحراف الخامس : هو ترك موالاة ومناصرة الذين كفروا ، فإن كثيرا من أهل الكتاب كانوا في صدر الإسلام يتولون مشركي مكّة ، ويتآزرون معهم ، ويتركون موالاة المؤمنين.
ولكنهم بهذه الموالاة لغير جند الإيمان أساؤوا لأنفسهم ، وتعرّضوا لسخط الله وغضبه عليهم ، وكانوا خالدين في النار وعذابها الشديد. ولو عقلوا وفكّروا جيدا ، وآمنوا بالله تعالى الإله الواحد ، وبالنّبي محمد صلىاللهعليهوسلم خاتم النّبيين ، وآمنوا بالقرآن الكريم المنزل إليه من ربّه ، ما اتّخذوا المشركين والكفّار أولياء وأنصارا ، وأصدقاء وأعوانا ، ولكن كثيرا منهم في الواقع فاسقون ، أي خارجون عن دائرة الدين الحق ، وعن طاعة الله ورسوله ، وأصول دينه ، لأنهم أرادوا تحقيق زعامة كاذبة ، والحصول على عرض دنيوي زائل ، فأضاعوا الدنيا والآخرة.
علاقة أهل الكتاب بالمؤمنين
من الطبيعي أن يلتقي أهل الأديان وأن تتّحد كلمتهم ؛ لأنهم يؤمنون إيمانا متماثلا بوجود الخالق ووحدانيته ، وبوجود البعث والجنة والنار ، وأن تكون أخلاقهم ومعايير سلوكهم واحدة مقتبسة من تعاليم الله وإرشاداته ، وليس من المنتظر الالتقاء مع المشركين والوثنيين أو الماديين الملحدين ؛ لأن هؤلاء لا يؤمنون بالدين الإلهي ، وإنما يؤمنون بمبادئ وهمية ، أوجدها الزعماء والقادة ، وقلّدهم الأتباع والأدنياء من غير تأمل ولا تعقل.