قال الله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِماحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللهُ مَنْ يَخافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ (٩٤) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً لِيَذُوقَ وَبالَ أَمْرِهِ عَفَا اللهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ وَاللهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ (٩٥) أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعامُهُ مَتاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٩٦)) (١) (٢) (٣) (٤) (٥) (٦) [المائدة : ٥ / ٩٤ ـ ٩٦].
أخرج ابن أبي حاتم في سبب نزول هذه الآية عن مقاتل : أنها نزلت في عمرة الحديبية ، حيث ابتلاهم الله بالصيد ، وهم محرمون ، فكانت الوحوش تغشاهم في رحالهم ، وكانوا متمكنين من صيدها ، أخذا بأيديهم ، وطعنا برماحهم ، وذلك قوله تعالى : (تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِماحُكُمْ) فهمّوا بأخذها ، فنزلت هذه الآية.
والمعنى : يا من اتّصفتم بالإيمان ، وصدّقتم بالله ورسوله ، وآمنتم بالقرآن ، ليختبرنكم الله بإرسال كثير من الصيد ، تأخذونه بالأيدي أو تصطادونه بالرماح ، وسبب الاختبار لإظهار ما علمه الله أزلا من أهل طاعته ومعصيته أنه حاصل منهم في حال الحياة ، فيعلم الله علم ظهور وانكشاف من يخافه بالغيب حيث لا يراه الناس ، ومن يخافه أمام الناس فقط ، فمن اعتدى ، أي تجاوز حدود الله بعد هذا البيان الشافي في الصيد ، فله عذاب شديد الألم في الآخرة ؛ لأنه لم يبال باختبار الله له في الدنيا.
ثم حرّم الله تعالى صيد البر حال الإحرام بحج أو عمرة ، سواء في داخل الحرم المكي وخارجه ، ليتفرّغ النّسّاك والعبّاد للعبادة ، فإن قتل المحرم عمدا أو خطأ شيئا
__________________
(١) ليختبرنكم.
(٢) محرمون بحج أو عمرة.
(٣) واصل الحرم لذبحه فيه.
(٤) معادله.
(٥) سوء عاقبة ذنبه.
(٦) للمسافرين.