بحسب أهوائهم ، من وأد البنات ، وشرب الخمور ، وظلم الأيتام والنساء ، وارتكاب الفواحش والمنكرات ، وشنّ الحروب لأتفه الأسباب ، وإثارة العداوة والبغضاء. وهذا إنكار صريح وتنديد بالتقليد الأعمى والتّعصب الموروث من غير وعي ولا إدراك ، وكأنهم يقولون بعد هذا التوبيخ : نعم لو كان آباؤنا كذلك ، كما قال الله تعالى في آية أخرى : (وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما أَلْفَيْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ (١٧٠)) [البقرة : ٢ / ١٧٠].
أداء الواجب بالكلمة الطيبة
الإسلام دين الحق والصراحة في القول والعمل ، وهو يريد الخير والسعادة للناس جميعا ، فلا يكتفي من أتباعه الانطواء على النفس وإيثار العزلة ، وإبقاء الآخرين يترددون في متاهات الخطأ والضّلال ، وزيغ العقيدة والانحراف في الفكر والخلق والسلوك.
ولكن بعد محاولة التصحيح والتنبيه إلى الأخطاء الواقعة من الآخرين يظل المؤمن محتفظا بقيمه وعقيدته وأخلاقه ، ولا يتشكك في شيء منها ، ويلتزم شرعه بما فيه من أمر بالجهاد وقول بمعروف ، ولا يضره ضلال غيره إذا اهتدى ؛ لأن كل إنسان مسئول عن نفسه ، ولا يحتمل امرؤ تبعة أعمال امرئ آخر ، فذلك هو العدل ؛ لأن المؤاخذة على فعل الآخرين جور وظلم.
قال الله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٠٥)) (١) [المائدة : ٥ / ١٠٥].
__________________
(١) الزموها وتجنّبوا المعاصي.