صلىاللهعليهوسلم ، فيكون معه نذيرا ، ومؤيّدا له ونصيرا ، فردّ الله عليهم أولا بأنه لو أنزل الله معه ملكا كما اقترحوا ، لقضي الأمر بإهلاكهم ، ثم لا يمهلون ليؤمنوا ، بل لجاءهم من الله العذاب ، كما قال الله تعالى : (ما نُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ وَما كانُوا إِذاً مُنْظَرِينَ) [الحجر : ١٥ / ٨].
وردّ الله عليهم ثانيا بأنه لو أنزل الله مع الرسول البشر ملكا ، لكان متمثّلا بصورة الرجل ، ليخاطبهم ويخاطبوه ، وينتفعوا به ، ثم يعود الأمر كما كان ، ويقعون في اللّبس والاشتباه نفسه ، ويختلط الأمر عليهم ، لأنه سيقول : إني رسول الله كما قال محمد صلىاللهعليهوسلم ، ثم يكذّبونه فلا يؤمنون ولا يصدّقون برسالة القرآن والنّبي والإسلام. قال ابن عباس في الآية : لو أتاهم ملك ، ما أتاهم إلا في صورة رجل ؛ لأنهم لا يستطيعون النظر إلى الملائكة من النّور.
ثم أخبر الله تعالى أن اقتراحات بعض كفار مكة بإنزال كتاب مدوّن من السماء ، أو بإنزال ملك من الملائكة ، صادرة على سبيل الاستهزاء ، ولكنه قد نزل وأحاط بهم من العذاب مثلما كانوا به يستهزئون أو يسخرون. وإن ارتاب المشركون في إمكان وقوع العقاب ، فليسيروا وينتقلوا في الأرض ليقفوا بأنفسهم على الحقيقة من تاريخ عاد وثمود وطسم وجديس وقوم فرعون وإخوان لوط ، كيف عذّبهم الله ، وكيف كانت عاقبة المكذّبين لرسالات أنبيائهم ، وكيف أحاط بهم جزاء ما استهزءوا وسخروا به.
أدلّة واضحة على إثبات البعث
تضافرت الآيات الدّالة على إثبات أصول الدين الثلاثة : وهي إثبات وجود الله وتوحيده ، وإثبات البعث والمعاد والجزاء ، وإثبات النّبوة ورسالة محمد صلىاللهعليهوسلم ، وكل هذه البراهين الواقعية والحجج الدامغة من أجل خير الإنسان وإسعاده وإفهامه حقيقة