ألا يعلم حلالا من حرام ، ومن جهالته أن يركب الأمر». والجهل الذي هو ضدّ العلم يعذر به المرء في الذنوب الخفيفة ، ولا يعذر به في الذنوب الكبائر كالشّرك بالله وعقوق الوالدين وأكل الرّبا وأكل مال اليتيم.
والتّوبة : الرجوع ، وصحتها مشروطة باستدامة الإصلاح بعدها في الشيء الذي تيب منه ، والإصلاح يكون بشروط أربعة : النّدم الحقيقي على الذنب ، والعزم على عدم العودة إليه في المستقبل ، وردّ المظالم إلى أهلها ، وإتباعها بالعمل الصالح. وهذا ما أشارت إليه الآية الكريمة : (ثُمَّ تابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ).
ثم وضع القرآن الكريم قاعدة عامة في البيان : وهي أنه سبحانه يبين لعباده بيانا بديعا كل ما يتعلق بدلائل التوحيد والنّبوة والقضاء والقدر ، ومثل ذلك التبيان والتفصيل يفصل الآيات كلها ، ويوضح حقائق الشريعة ، ليهتدي بها العقلاء ، ويعرف الحق من الباطل ، ويتّضح للمؤمنين طريق المجرمين ، وإذا اتّضح سبيلهم كان كل ما عداه وما خالفه هو سبيل المؤمنين ، لأنه متى استبانت طريقة المجرمين المنحرفين عن الهدي الإلهي ، فقد استبانت طريقة أهل الحق والإيمان أيضا لا محالة ، إذ لا وسيط بين الحق والباطل.
وهل يتأمل الناس من ربّهم غير البيان والتفصيل ، فذلك غاية الفضل والإحسان ، ومنتهى الرحمة والإعذار؟ ولا يبقى أمام الإنسان بما أوتي من عقل وخبرة وترجيح للمصلحة على المفسدة ، إلا أن يختار طريق الخير ويتجنّب سبيل الشّر ؛ لأن فعل الخير أمان وسلام ، وعافية واطمئنان ، وفعل الشّر ضلال وخسران.