آياتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ (٩٣) وَلَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ ما خَوَّلْناكُمْ وَراءَ ظُهُورِكُمْ وَما نَرى مَعَكُمْ شُفَعاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ ما كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (٩٤)) (١) (٢) [الأنعام : ٦ / ٩٣ ـ ٩٤].
نزلت آية (وَمَنْ أَظْلَمُ) ـ فيما رواه الطبري عن عكرمة ـ في مسيلمة ، وأما آية (سَأُنْزِلُ مِثْلَ ما أَنْزَلَ اللهُ) فنزلت في عبد الله بن سعد بن أبي سرح ، كان يكتب للنّبي صلىاللهعليهوسلم ، فيملي عليه : (عَزِيزٌ حَكِيمٌ) فيكتب (غفور رحيم) ثم يقرأ عليه ، فيقول : نعم سواء ، فرجع عن الإسلام ولحق بقريش.
وقال عكرمة في آية (وَلَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى) قال النّضر بن الحارث : سوف تشفع إلي اللات والعزى ، فنزلت هذه الآية : (وَلَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى) إلى قوله : (شُرَكاءُ) هذه الآيات لإثبات النّبوة ، فيها وعيد من ادّعى النّبوة والرّسالة ، على سبيل الكذب والافتراء ، وهذا الوعيد يتضمن الشهادة بصدق النّبي صلىاللهعليهوسلم ؛ لأن نفي النّبوة عن مدّعيها إثبات لمن أعطيها حقّا. ولقد ادّعى النّبوة أناس أغرار حمقى ، كمسيلمة الكذّاب في اليمامة ، والأسود العنسي في صنعاء اليمن ، وطليحة الأسدي في بني أسد ، والمختار بن أبي عبيد وسواهم.
والمعنى : لا أحد أظلم ممن كذب على الله ، فجعل له شريكا أو ولدا ، أو ادّعى النّبوة والرّسالة ، ولم يرسله الله إلى الناس ، أو قال : أوحي إلي ولم يوح إليه شيء ، وهذا القول الأخير فيه كذبان : ادّعاء النّبوة ونفيها عن غيره ، أو قال وهو النّضر بن الحارث (سَأُنْزِلُ مِثْلَ ما أَنْزَلَ اللهُ) وقال : (لَوْ نَشاءُ لَقُلْنا مِثْلَ هذا) [الأنفال : ٨ / ٣١] ، وكان يقول في القرآن : إنه من أساطير الأولين ، وإنه شعر ، لو نشاء لقلنا مثله.
__________________
(١) ما أعطيناكم من متع الدنيا.
(٢) تفرق الاتّصال بينكم.