سواء من عالم الجنّ أو من عالم الإنس ، وسواء من الذكور والإناث ، لأن الألوهية والرّبوبية فوق هذه الأوضاع التي يحتاج إليها البشر ، ويستغني عنها الخالق القادر ، العلي القاهر ، ومثل هذه المزاعم والافتراءات الباطلة ما هي إلا لون من سخف المشركين ، وسطحية الوثنيين ، وضلال الكافرين. قال الله تعالى مبيّنا هذا اللون من التفكير الديني الوثني :
(وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَناتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يَصِفُونَ (١٠٠) بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (١٠١) ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (١٠٢) لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (١٠٣)) (١) (٢) (٣) (٤) (٥) [الأنعام : ٦ / ١٠٠ ـ ١٠٣].
هذه الآيات تشير إلى العادلين بالله عزوجل ، والقائلين : إنّ الجنّ تعلم الغيب ، وتتصرّف في الأشياء ، وتعبد الجنّ ، وكانت طوائف من العرب تفعل ذلك وتستجير بجنّ الأودية في أسفارها. وهناك طائفة من الكتابيّين نسبوا إلى الله الابن كعزير والمسيح ، وطائفة أخرى من العرب وصفوا الملائكة بأنهم بنات الله.
والآيات ردّ على فئات المشركين المختلفة الذين عبدوا مع الله غيره ، عبدوا الجنّ حين صيّروا لله شركاء له في العبادة ، ولم تكن عبادتهم الأصنام إلا بطاعة الجنّ وأمرهم إياهم بذلك ، إنهم جعلوا الجنّ من الملائكة أو الشياطين شركاء لله ، مع أن الله هو الذي خلق المشركين وغيرهم ، فكيف يكون المخلوقون شركاء لله؟! إنهم اختلقوا أكاذيب ، وأباطيل ، بجعل البنين والبنات لله جهلا بغير علم ، تنزه الله
__________________
(١) الشياطين حيث أطاعوها.
(٢) أي اختلقوا له الأولاد كذبا وزورا.
(٣) مبدع.
(٤) كيف يكون.
(٥) لا تحيط به سبحانه.