وكذبهم ، ليغروا غيرهم بالفساد ، ولتصغى إليه قلوب الكفار والفسّاق ، فإنها تميل إلى الشّر والسّوء ، وإنهم لا يؤمنون بالآخرة وليرضوا لأنفسهم هذا الموقف الخاسر ، وليترتب على ذلك أن يكتسبوا ما هم مكتسبون من المعاصي والآثام بغرورهم به ورضاهم عنه. إن إغراءات هؤلاء المتمرّدين تؤثر في المضلّلين ، وتوهمهم أنهم على شيء ، والأمر بخلاف ذلك. أما المؤمنون الواعون الذين ينظرون في عواقب الأمور ، فلا ينخدعون بأباطيل الأقوال ، ولا تغرنّهم الزخارف. وبه يتبيّن أن الكفار يؤثر بعضهم في بعض ، ويحمل بعضهم بعضا على الإثم والعصيان ، على عكس أهل الإيمان الذين ينظرون ويتأملون ولا ينجرفون بأضاليل الأقوال وسوء الأفعال.
القرآن برهان النّبوة
من حقّ الناس أن يطلبوا برهانا على صدق الأنبياء ، من غير عناد ولا تعنّت ، غير أن البرهان أو الدليل المؤيّد للنّبوة والرسالة ، ليس كما يطلب الناس من إنزال برهان حسّي أو علامة مادّية ، فإن الله تعالى جلّت حكمته يعلم علما تامّا ما يناسب ، فينزل من الآيات والمعجزات التي يظهرها على يد نبي أو رسول ما يكون موافقا للحكمة وكافيا في إثبات النّبوة والرّسالة.
والدليل الدّال على صدق نبوة محمد صلىاللهعليهوسلم حصل من وجهين : الأول ـ أنه أنزل إليه القرآن الكريم مبيّنا مختلف الشرائع والأحكام بأسلوب بياني معجز وببلاغة وفصاحة عالية تدلّ على إعجازه وكونه من كلام الله.
الثاني ـ اشتمال التوراة والإنجيل في صورتهما الأصلية على الآيات الدّالة على أن محمدا رسول حق ، وأن القرآن كتاب الله الحق القاطع. قال الله تعالى مبيّنا الاكتفاء بالقرآن دليلا :