واختراعه ، وشرح الصدر : هو تسهيل الإيمان وتحبيبه وإعداد القلب لقبوله وتحصيله. والهدي لفظ مشترك قد يأتي بمعنى الدعوة لشيء مثل قوله تعالى : (وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) [الشورى : ٤٢ / ٥٢] وقد يأتي بمعنى إرشاد المؤمنين إلى مسالك الجنان والطرق والأعمال المؤدية إليها ، كقوله تعالى : (فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ ، سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بالَهُمْ (٥)) [محمد : ٤٧ / ٤ ـ ٥].
الطريق القويم وجزاء المستقيمين
تتعدّد طرق النجاح في الحياة بحسب ما ترتئيه الأفكار والعقول الإنسانية ، ولا يعرف الصواب منها إلا بعد تجارب عديدة ، وطويلة الأمد ، يمر فيها المجتمع ، فتدرك الأخطاء ، وتعرف أوجه الفائدة والمصلحة ، من هنا أراد الله تعالى اختصار الطريق والمدة على الناس ، فأبان لهم سلفا ما يحقق لهم الخير والنفع ، ويمنع عنهم الشّر والانحراف. وترغيبا في سلوك طريق الشّرع القويم وعد الله متّبعيه بالجنة دار السّلام ، وأوعد مخالفيه بالنّار مثوى الظالمين خالدين فيها أبدا بمشيئة الله. قال الله تعالى :
(وَهذا صِراطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ (١٢٦) لَهُمْ دارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٢٧) وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ وَقالَ أَوْلِياؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنا قالَ النَّارُ مَثْواكُمْ خالِدِينَ فِيها إِلاَّ ما شاءَ اللهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (١٢٨) وَكَذلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (١٢٩)) (١) [الأنعام : ٦ / ١٢٦ ـ ١٢٩].
يخبر الله تعالى أن هذا القرآن والشّرع الذي جاء به محمد عليه الصّلاة والسّلام
__________________
(١) مأواكم ومستقرّكم.