ومن أدب القرآن العالي اللطف في الإنذار حين قال تعالى : (فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ تَكُونُ لَهُ عاقِبَةُ الدَّارِ) أي العقبى يوم القيامة ، وذلك مثل قوله سبحانه : (وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) [سبأ : ٣٤ / ٢٤].
نماذج من أنظمة الجاهليّة
قرر عرب الجاهلية مجموعة من الأنظمة والشرائع بمحض الأهواء والتّخيلات ومرتبطة ارتباطا وثيقا بعقيدة الوثنية والشّرك وعبادة الأصنام والأوثان ، وكل ذلك لا يتقبّله العقل الإنساني السّوي ولا المصلحة العامة للنّظام القبلي ، لأنه يفرّق ولا يجمع ، ويهدم ولا يبني. ومن هذه الأنظمة الواهية ما يتعلّق بالصدقات والقرابين ، ومنها ما يتعلّق بالأولاد ، ومنها ما يتّصل بقسمة الأنعام. قال الله تعالى واصفا هذا التشريع الفاسد والافتراء الكاذب :
(وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعامِ نَصِيباً فَقالُوا هذا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهذا لِشُرَكائِنا فَما كانَ لِشُرَكائِهِمْ فَلا يَصِلُ إِلَى اللهِ وَما كانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلى شُرَكائِهِمْ ساءَ ما يَحْكُمُونَ (١٣٦) وَكَذلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وَلَوْ شاءَ اللهُ ما فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَما يَفْتَرُونَ (١٣٧) وَقالُوا هذِهِ أَنْعامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لا يَطْعَمُها إِلاَّ مَنْ نَشاءُ بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُها وَأَنْعامٌ لا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللهِ عَلَيْهَا افْتِراءً عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِمْ بِما كانُوا يَفْتَرُونَ (١٣٨) وَقالُوا ما فِي بُطُونِ هذِهِ الْأَنْعامِ خالِصَةٌ لِذُكُورِنا وَمُحَرَّمٌ عَلى أَزْواجِنا وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكاءُ سَيَجْزِيهِمْ (١) (٢) (٣) (٤) (٥) (٦) (٧)
__________________
(١) خلق.
(٢) الزرع.
(٣) المواشي وهي الإبل والبقر والغنم والمعز.
(٤) ليوقعوهم في الهلاك.
(٥) ليخلطوا عليهم.
(٦) يختلقونه من الكذب.
(٧) أي ممنوعة حرام.