وإذا ولدت أنثى تركت للنّتاج فلم تذبح ، وإذا كان المولود ميتا اشترك فيه ـ أي في أكله ـ الذكور والإناث ، والله يجزيهم على قولهم ووصفهم الكذب في ذلك ، إنه سبحانه حكيم في صنعه وتدبيره ، عليم بأفعال وأقوال خلقه.
ثم حكم الله تعالى على المشركين بالخسارة الفادحة حين قتلوا أولادهم ووأدوا بناتهم ، سفها أي حماقة وجهلا ، خوفا من ضرر موهوم وهو الفقر ، وحين حرموا على أنفسهم طيّبات الرزق افتراء وكذبا على الله ، إنهم ضلّوا ضلالا واضحا بعيدا عن الحق ، ولم يهتدوا إلى الصواب ، ولم يرشدوا إلى خير أبدا لا في الدنيا ولا في الآخرة.
الرّد على المشركين لإثبات قدرة الله تعالى
التّشريع في الإسلام منوط بمن يملك القدرة اللامتناهية على خلق الأشياء وإيجادها ، وبما أن الله تعالى هو وحده مبدع الكائنات كلها ، وصاحب النّعم الجليلة ، فهو مصدر التشريع من إباحة وتحريم ، وإيجاب ومنع ، وليس للبشر الحق في أن يحرّموا أو يحلّلوا ما شاؤوا من غير حجة بيّنة ولا برهان واضح ، لذا نبّه القرآن الكريم إلى هذه القضية المهمة الخطيرة ، فلما افترى المشركون على الله الكذب ، وأحلّوا وحرّموا ، دلّهم على قدرته ووحدانيّته تعالى ، وأوضح لهم أن الخالق المبدع هو صاحب الحق في التحليل والتحريم ، فقال الله عزوجل :
(وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفاً (١) (٢)
__________________
(١) محتاجه للتّعريش كالكرم.
(٢) مستغنية عنه كالنّخل.