وهوان ، فأنكر القرآن الكريم عليهم ذلك الفعل ، والتّذرع بهذا السبب ، بقوله تعالى : (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ) [الإسراء : ١٧ / ٣١]. وفي قوله سبحانه : (وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ (٨) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ (٩)) [التّكوير : ٨١ / ٨ ـ ٩].
وغاية هذا التّزيين هي أن يردوا المشركين ويهلكوهم بالإغواء ، ويخلطوا عليهم أمر دينهم ـ دين إبراهيم وإسماعيل ـ دين التوحيد الذي لا شيء فيه من هذا ، ولو شاء الله ما فعلوا هذا أبدا ، فاتركهم أيها النّبي وما يدينون ويفترون من الكذب والضلال ، وما عليك إلا البلاغ ، فإنهم بأنفسهم اختاروا هذا الطريق المعوج دون جبر ولا إكراه. والأنموذج الثالث من شرائع الجاهلية : أنهم قسموا أنعامهم ثلاثة أقسام :
أ ـ أنعام محبوسة على معبوداتهم وأوثانهم الآلهة ، قائلين : لا يطعمها ولا يأكل منها إلا من شاء بحسب زعمهم من غير حجة وبرهان ، وهم خدم الأوثان والرجال دون النساء.
ب ـ وأنعام ممنوعة ظهورها ، فلا تركب ولا يحمل عليها ، وهي البحيرة والسائبة والحامي ، إذا ولد منها نتاج معين.
ج ـ وأنعام لا يذكرون اسم الله عليها عند الذبح ، وإنما يذكرون عليها أسماء الأصنام ، ولا ينتفعون بها حتى في الحج.
هذه القسمة الجائرة مجرد افتراء على الله ، فالله لم يشرع ذلك ، وليس لهم أن يحلّلوا أو يحرّموا شيئا لم يأذن الله به ، وسيجازيهم الله الجزاء الذي يستحقونه بسبب افترائهم.
ومما قال هؤلاء المشركون : إن أجنّة وألبان هذه الأنعام (المواشي) حلال خاص برجالنا ، ومحرّم على نسائنا ، فإذا ولدت الشّاة ذكرا ، فلبنها للذكور دون الإناث ،