والاختلاف ورغّب بفعل الحسنات والأعمال الصالحات ، ونفّر من اقتراف السيئات وقبائح الأعمال ، قال الله تعالى مبيّنا هذا المنهج السّديد :
(هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ (١٥٨) إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّما أَمْرُهُمْ إِلَى اللهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما كانُوا يَفْعَلُونَ (١٥٩) مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى إِلاَّ مِثْلَها وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (١٦٠)) (١) [الأنعام : ٦ / ١٥٨ ـ ١٦٠].
كان القرآن الكريم صريحا واضحا مع مشركي العرب حين أعرضوا عن دعوة الله ورسوله لإصلاح العقيدة والحياة والأخلاق ، فبعد أن أنذرهم بسوء العقاب وتعجيل العذاب ، وصف موقفهم بأنهم ما ينتظرون إلا أحد أمور ثلاثة ، وهي مجيء الملائكة أو مجيء الرّب ، أو مجيء الآيات القاهرة من الله تعالى ، هل ينتظرون لإنزال العذاب إلا أن تأتيهم ملائكة الموت الذين يصحبون عزرائيل المختصّ بقبض الأرواح ، فتخلع رقابهم وتعصف بهم ، أم هل ينتظرون مجيء الرّب تبارك وتعالى لموقف الحساب يوم القيامة ، أم هل ينتظرون مجيء بعض آيات ربّك الدّالة على قرب قيام الساعة؟ يوم يأتي بعض آيات الله القاهرة الموجبة للإيمان الاضطراري ، كطلوع الشمس من مغربها ، لا ينفع هذا الإيمان نفسا لم تكن آمنت من قبل ، فإن الإيمان تكليف اختياري في وقت عادي غير قهري ، ولا يقبل إيمان اليأس مثل إيمان فرعون حينما أحدق به الغرق. كما لا ينفع في وقت الأزمة الخانقة ومجيء أمارات العذاب توبة لم تكن حدثت في وقت السّعة والرّخاء قبل الغرغرة ووصول الروح إلى الحلقوم.
قل : يا محمد على سبيل التهديد والوعيد ، سترون من يحقّ كلامه ، ويتضح ما أخبر
__________________
(١) فرقا وأحزابا ضالّين.