البناء والتّحضر ، وسبيل التفوق والاحترام وكسب السمعة وتحقيق مجد الأمة والوطن ، قال الله تعالى : (أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطَ كانُوا هُوداً أَوْ نَصارى قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللهِ وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (١٤٠) تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَها ما كَسَبَتْ وَلَكُمْ ما كَسَبْتُمْ وَلا تُسْئَلُونَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ (١٤١)) (١) [البقرة : ٢ / ١٤٠ ـ ١٤١].
إذا كان الآباء أولياء وأصفياء ، أو عظماء وعباقرة ، وأنت الوارث لم تعمل شيئا ، أفينفعك هذا أم لا؟ إن مبدأ الإسلام واضح معروف وهو :
(وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى (٣٩) وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرى) (٤٠) [النّجم : ٥٣ / ٣٩ ـ ٤٠].
وسطية الإسلام
الإسلام وسط بين أمرين ، فلا تشديد فيه ولا تساهل ، ولا إفراط ولا تفريط ، ولا غلو فيه ولا تعصب ولا تهاون ، يقرن في تشريعه بين المادة والروح ويحرص على التوازن وتحقيقه في جميع الأمور ، فيشرع ما يحقق التواءم والانسجام بين مطالب الروح ومطالب الجسد ، ويقيم التوازن بين مصالح الفرد والجماعة ، فلا رهبانية في الإسلام ، ولا تضييع لمصلحة الفرد والأمة.
والمسلمون أمة وسط عدول خيار ، بلا إفراط ولا تفريط في أي شأن من شؤون الدنيا والدين ، جاء في الأثر ومعناه صحيح ثابت في الكتاب والسّنة : (خير الأمور أوساطها) أي خيارها ، وقد أهّلت هذه الوسطية المسلمين العدول أن يكونوا شهداء
__________________
(١) أي أولاد يعقوب وحفدته وذرّيته.