حوار أهل الجنّة والنار
الحوار أو المناظرة بين أهل الجنة وأهل النار أمر ثابت واقع ، يدل على وجود الحرية وحقّ الدفاع عن وجهات النظر في ساحات المحاكمة التي يكون قاضيها ربّ العالمين. والإخبار عن هذا الحوار في القرآن الكريم دليل آخر على صدق توقّعات المؤمنين وهزيمة الكافرين في الدار الآخرة ، قال الله تعالى :
(وَنادى أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنا ما وَعَدَنا رَبُّنا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (٤٤) الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَيَبْغُونَها عِوَجاً وَهُمْ بِالْآخِرَةِ كافِرُونَ (٤٥) وَبَيْنَهُما حِجابٌ وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيماهُمْ وَنادَوْا أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوها وَهُمْ يَطْمَعُونَ (٤٦) وَإِذا صُرِفَتْ أَبْصارُهُمْ تِلْقاءَ أَصْحابِ النَّارِ قالُوا رَبَّنا لا تَجْعَلْنا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٤٧)) (١) (٢) (٣) (٤) (٥) [الأعراف : ٧ / ٤٤ ـ ٤٧].
هذا إخبار من الله عزوجل عما يكون بين فريقي المؤمنين والكافرين في الآخرة ، وخبر الله صدق واقع لا محالة ، عبّر عن معان مستقبليّة بصيغة ماضية ، لإفادة تحقق وقوعه ، واستقرار حدوثه ، حتى لكأنه أصبح حديثا يتناقله الناس عن الماضي ، وهذا النداء من أهل الجنة لأهل النار تقريع وتوبيخ وزيادة في الكرب. ويحصل النداء بعد استقرار الفريقين في الجنة والنار.
والنداء الصادر من أهل الجنة لأهل النار يحصل بصفة جماعية أو فردية ، ومضمون النّداء : أن أصحاب الجنة يقولون لأهل النار : قد وجدنا ما وعدنا ربّنا على ألسنة الرّسل من النعيم والتكريم حقّا ، فهل وجدتم ما وعدكم ربّكم من الخزي والنكال حقّا؟ فقالوا : نعم ، فنادى مناد أو مؤذّن بين الفريقين : أن لعنة الله على الظالمين ،
__________________
(١) نادى مناد.
(٢) يطلبونها معوجّة.
(٣) حاجز ، وهو السّور.
(٤) أعالي السّور.
(٥) بعلامتهم.