صدورهم ، ينقّي الله قلوب ساكني الجنة من الغل والحقد ، حتى لا يكدّرهم مكدّر ، ولا يؤلمهم ألم ، ولا يحزنهم فزع ، ولا يحدث بينهم شرّ ، وذلك أن صاحب الغل أو الحقد متعذّب به ، ولا عذاب في الجنة ، وورد في الحديث الذي ذكره القرطبي : «الغلّ على باب الجنّة كمبارك الإبل ، وقد نزعه الله تبارك وتعالى من قلوب المؤمنين».
وذكر قتادة أن عليّا رضي الله عنه قال : «إني لأرجو أن أكون أنا وعثمان وطلحة والزبير رضي الله عنهم من الذين قال الله فيهم : (وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍ)».
ويقول المؤمنون قولتين في الجنّة شاكرين نعمة الله وفضله : القولة الأولى : الحمد لله الذي هدانا في الدنيا للإيمان الصحيح والعمل الصالح ، الذي كان جزاؤه هذا النّعيم. وما كان من شأننا وتفكيرنا أن نهتدي إليه بأنفسنا ، لو لا هداية الله وتوفيقه إيانا لاتّباع رسله.
والقولة الثانية : لقد جاءت رسل الله ربّنا بالحقّ الثابت والكلام الصادق ، وهذا مصداق وعد الله على لسان رسله.
وتناديهم الملائكة قائلين لهم : سلام عليكم طبتم ، فادخلوها خالدين ، هذه الجنة التي أورثكم الله إياها جزاء أعمالكم الصالحة.
وإذا كان القانون العام بمقتضى العدل الإلهي هو أن دخول الإنسان الجنة بعمله ، فإن العمل قليل بجانب فضل الله ، لذا احتجاج الإنسان إلى أن يكون دخول الجنة بمجرد رحمة الله تعالى ، جاء في الحديث الصحيح : «لن يدخل أحد منكم الجنة بعمله ، قالوا : ولا أنت يا رسول الله؟! قال : ولا أنا إلا أن يتغمّدني الله بفضله ورحمته».
وأخرج البيهقي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ما منكم من أحد إلا وله منزلان : منزل في الجنة ، ومنزل في النار ، فإذا مات فدخل النار ، ورث أهل الجنة منزله ، فذلك قوله تعالى : (أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ) [المؤمنون : ٢٣ / ١٠].