تضع سدى. ولهذا تكرر في القرآن المجيد الإخبار بمكافأة العاملين ، والوعد بأحسن المنازل ، والجزاء في الدار الآخرة بجنان الخلد التي تجري من تحتها الأنهار ، قال الله تعالى :
(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَها أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٤٢) وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْ لا أَنْ هَدانَا اللهُ لَقَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٤٣)) (١) (٢) [الأعراف : ٧ / ٤٢ ـ ٤٣].
جرت سنة القرآن الجمع بين الوعد والوعيد ، فبعد أن ذكر الله تعالى وعيد الكافرين والعصاة ، أتبعه بوعد المؤمنين الطائعين ، وهذه الآية وعد وإخبار قاطع بأن جميع المؤمنين هم أصحاب الجنة ، ولهم الخلد فيها.
والموعودون : هم الذين صدقوا بالله ورسله ، وعملوا الصالحات ، بامتثال الأوامر واجتناب النواهي ، فهم أهل الجنة دون سواهم ، وهم المخلّدون فيها أبدا ، وتجري الأنهار من تحت غرفهم وبساتينهم النضرة.
وجاء قوله تعالى : (لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها) جملة اعتراضية ، للتنبيه على أن الجنة مع عظم مكانها ، يسهل الوصول إليها ، فقاعدتها الإيمان الصحيح ، وطريقها العمل الصالح المؤدي إلى الجنة ، وهو أمر سهل هيّن على النفوس ، لا مشقة فيه ولا حرج ، ولا زيادة فيه على مقدور الإنسان ، ومعنى الوسع : ما يقدر الإنسان عليه في حال السعة والسهولة ، لا في حال الضيق والشدة.
ومن نعم الله تعالى التي أخبر بها على أهل الجنة : صفاء نفوسهم ، وسلامة
__________________
(١) طاقتها.
(٢) حقد وضغن.