وكونه خاتم النّبيين ، هم قوم بعيدون عن الحق ، مغرقون في الضّلال ، ففعلهم هذا بقصد الحفاظ على رياسة كاذبة ، والحصول على الأموال والهدايا أشدّ المنكرات ، إنهم باعوا الخير والهدى بثمن بخس قليل لا ينفع ، ولا يأكلون في بطونهم على التحريف والتغيير إلا ما يؤدي بهم لدخول النار ، وهم بهذا الفعل الشنيع يستحقون غضب الله ولعنته ، ولا يكلمهم الله يوم القيامة كلام رحمة ، ولا يثني عليهم بالخير كما يفعل مع أهل الجنة ، وللكافرين عذاب شديد مؤلم في الدنيا والآخرة.
وأكّد الله تعالى على سوء صنعهم بأنهم استبدلوا الضّلالة بالهدى ، واستحقّوا العذاب بدل المغفرة ، فما أجرأهم على الضّلال ، وما أصبرهم على نار جهنم ، فإنهم ارتكبوا ما يوجب دخول النار من غير مبالاة منهم ، والله أراد من إنزال الكتاب السماوي إقرار الحق ، ودحر الباطل ، وهداية الناس ، فمن منع ذلك عن الناس حارب الله ، وإن الذين اختلفوا في كتب الله ، فقالوا : بعضها حقّ ، وبعضها باطل ، لفي مخالفة بعيدة عن الحق.
هذه الآيات التي تحرّم كتمان أحكام الله تشمل أيضا علماء المسلمين إذا كتموا الحقّ مختارين لذلك ، لسبب دنيا يصيبونها أو مصلحة دنيوية يحققونها.
حقيقة البر
يظن بعض الناس خطأ أن الدين أو البر والخير هو في العبادة وحدها دون ما سواها ، وهذا غير صحيح ، فإن البر والدين بناء متكامل وميزان شامل ، يشمل العقيدة والعبادة والأخلاق وتنظيم العلاقات الاجتماعية ، وقد أنزل الله تعالى آية في القرآن الكريم جمعت أصول البر كلها ، وخاطبت المؤمنين بأنه ليس البر الصلاة وحدها ، كما خاطبت غير المؤمنين الذين اختلفوا في التوجّه إلى القبلة ، فاليهود