التعارض دون الأوّل ، وذلك لأنّ كلاً من الدليلين في الأوّل غير ناظر إلى صورة الاجتماع ، بل الأمر تعلّق بطبيعة الصلاة والنهي تعلّق بطبيعة الغصب ، فلا يعد الدليلان عند العرف متعارضين ، لعدم الإشارة فيها إلى صورة التصادق ولو إجمالاً بخلاف الدليلين الآخرين ، أي أكرم كل فاسق وأكرم كلّ عالم ، أو قوله : أكرم العالم وأكرم الفاسق ، فإنّ في كلّ من لفظتي : « كل » و « اللام » إشارة إلى المصاديق الخارجية التي منها اجتماع الفسق والعلم في مورد واحد.
وإلى ما ذكرنا يرجع ما أفاده سيدنا الأُستاذ في درسه الشريف حيث يقول : إنّ الميز بين البابين لبس بما ذكر ، إذ الميزان في عد الدليلين متعارضين هو كونهما كذلك في نظر العرف ، ولذا لو كان بينهما جمع عرفي خرج من موضوعه فالجمع والتعارض كلاهما عرفيان ، وهذا بخلاف المقام فانّ التعارض فيه إنّما هو من جهة العقل ، إذ العرف مهما أدق النظر وبالغ في ذلك لا يرى بين قولنا : صلّ ولا تغصب تعارضاً ، لأنّ الحكم على عنوانين غير مرتبط أحدهما بالآخر ، كما أنّ الجمع أيضاً عقلي مثل تعارضه ، وعليه فكلّ ما عدّه العرف متعارضاً مع آخر وإن أحرزنا المناط فيهما فهو داخل في باب التعارض ولابدّ فيه من إعمال قواعده من الجمع والترجيح والترك ، كما أنّ ما لم يعده متعارضاً مع آخر وآنس بينهما توفيقاً وإن عدهما العقل متعارضين فهو من باب الاجتماع وإن لم يحرز المناط فيها. (١)
ثمّ إنّ الشيخ المحقّق المظفر ـ أتى بهذه المقالة ـ التي ذكرها السيد الأُستاذ ببيان مشروح ، وإليك ما ذكره ، فإنّه قدسسره عد ما جعل الملاك بين التزاحم والتعارض هو ما ذكرناه من وجود التكاذب في مقام التشريع في الثاني دون الأوّل ، قال :
إنّ العنوان المأخوذ في الحكم على قسمين :
__________________
١. تهذيب الأُصول : ١ / ٣٨٣.