متحدين إلا انّهما موجودان بإيجاد واحد ، فلا محالة يكون موجِدهما مرتكباً للقبيح بنفس الإيجاد ويستحيل أن يكون الفعل الصادر منه مقرّباً. (١)
يلاحظ عليه أوّلاً : أنّ المعروف بين المتكلّمين هو انّ الحاكم باشتراط التكليف بالأُمور العامّة من العقل والقدرة والعلم ، هو العقل دون ذات التكليف ، وما ذكره من « أنّ منشأ اعتباره القدرة نفس التكليف ، وذلك لأنّ الأمر جعل داع للمكلّف نحو العمل ، ولا يصحّ جعله داعياً إلا إلى ما وقع في إطار قدرة المكلّف » ، عبارة أُخرى عن حكم العقل بذلك ، وإلا فلو غضّ النظر عن حاكمية العقل ، فأيّ دليل يمنع عن كون الأمر داعياً إلى الأعم ممّا هو واقع في إطار قدرة المكلّف وما هو خارج عنه؟
وبذلك يعلم أنّ متعلّق الأمر هو مطلق الطبيعة ، لا الطبيعة المقدورة ، غير الممنوعة ، فيكون الفرد المحظور مصداقاً لها ، غير خارج عنها.
أضف إلى ذلك أنّ لازم ذلك هو الخروج عن محلّ البحث ، فانّ المفروض اجتماع الأمر والنهي ، وتصادقهما على المصداق الخارجي ، وتخصيص المورد بالنهي فقط خلف الفرض.
وثانياً : انّ ما ذكره من كون المجمع فاقداً للملاك بحجّة أنّ موجد الصلاة والغصب مرتكب للقبح بنفس هذا الإيجاد ، « ويستحيل أن يكون العمل الصادر منه مقرِّباً » مبنيّ على سراية القبح الفاعلي إلى الفعل ، وهو بعدُ غير ثابت ، لأنّ الصلاة في الدار المغصوبة نفسها في البيت ، وكون الفاعل مرتكباً للقبيح مقارناً للصلاة ـ كما هو المفروض ـ لا يجعل الصلاة فعلاً قبيحاً.
إلى هنا تمّ الكلام في الصورة الأُولى وإليك الكلام في الصورة الثانية.
__________________
١. المحاضرات : ٤ / ٢١٦ ، ٢١٧ ، ٢١٩.