مبغوض فكيف يتقرب إلى المولى بأمر مبغوض؟!
وبعبارة أُخرى : انّ المكلّف بعمله هذا متمرد على المولى وخارج عن رسم العبودية وزيّ الرقيّة ، فكيف يتقرب إلى ساحته سبحانه ، بما يعدُّ مبعِّداً ولا يكون مقرِّباً؟!
يلاحظ عليه : أنّه إذا كان القرب والبعد ، أمراً عقلائياً ، وكان العمل مزيجاً بالمحبوب والمبغوض ، فلا مانع من أن يتقرّب بحيثية دون الأُخرى ، نظير ما إذا أطعم اليتيم بمال حلال في دار مغصوبة ، فيعدّ لأجل الترحم عليه متقرباً ، وإن كان لأجل التصرّف في مال الغير بلا إذن عاصياً ، غير متقرّب.
والذي يرشدك إلى وجود الفرق بين العملين : انّه لو غصب دار المولى ، وأكرم فيها ابنه ، وما لو غصبها وضرب فيها ابنه ، فلا شكّ انّ بين العملين بعد المشرقين ، وهذا آية إمكان التقرب ، بعمل متحد مع العمل المبغوض.
وأمّا الثاني فحاصل ما أفاده انّ الصلاة في الدار المغصوبة ليس مصداقاً للمكلّف به ، كما أنّه ليس واجداً للملاك.
أمّا الأوّل فلأنّ منشأ اعتبار القدرة نفس التكليف لا حكم العقل ، لأنّ الأمر هو جعل داع للمكلّف نحو المكلف به ولا يصح جعله داعياً إلا إلى ما وقع في إطار قدرة المكلّف ، فيكون متعلّق التكليف هو الحصة المقدورة عقلاً ، غير الممنوعة شرعاً ، فتخرج الحصة المحرمة تحت الأمر ، وعلى ضوء ذلك فالصلاة لما كانت ملازمة للمحرم فلا تكون مصداقاً للأمر ولا تكون مأموراً بها ، ولا يمكن الحكم بالصحة لأجل الأمر.
وأمّا عدم تصحيحها بالملاك ، فلأنّه إنّما يصحّ التقرب به إذا لم يكن ملازماً بالقبح الفاعلي وإلا فلا يكون صالحاً للتقرب ، والصلاة والغصب وإن كانا غير