كما أنّ المقدمة الرابعة خارجة عن محط البحث ، لأنّ البحث في أنّ للوجود الواحد ماهية واحدة لا غير يختص بالماهيات المتأصلة ، وأين هذا من الماهيات الاعتبارية والانتزاعية؟
فالمهم في المقام هو المقدّمة الأُولى والثانية ، وإليك تحليلهما.
تحليل المقدّمة الأُولى
قال المحقّق الخراساني في إثبات تلك المقدمة : إنّ الأحكام الخمسة متضادة في مقام فعليتها وبلوغها إلى مرتبة البعث والزجر ، ضرورة ثبوت المنافاة والمعاندة التامة بين البعث نحو واحد في زمان ، والزجر عنه في ذاك الزمان فاستحالة اجتماع الأمر والنهي في واحد لا تكون من باب التكليف بالمحال ، بل من جهة انّه بنفسه محال ، فلا يجوز عند من يجوّز التكليف بغير المقدور أيضاً. (١)
أقول : القول بأنّ الأحكام الخمسة بأسرها متضادة ، رهن انطباق تعريف التضاد عليها مع أنّه غير منطبق عليها ، وقد عُرّف الضدّان بأنّهما أمران وجوديان لا يستلزم تعقّل أحدهما تعقّل الآخر يتعاقبان على موضوع واحد داخلان تحت جنس قريب ، بينهما غاية الخلاف.
والتعريف مشتمل على قيود خمسة وكلّ قيد يحترز به عمّا ليس واجداً للقيد.
١. أمران وجوديان ، خرج المتناقضان والعدم والملكة.
٢. لا يستلزم تصوّر أحدهما تصوّر الآخر ، خرج المتضائفان ، كالأُبوة والبنوة.
__________________
١. كفاية الأُصول : ١ / ٢٤٩.