قلنا بأنّ الواجب هي الهيئة الركوعية والسجودية وانّ الهوي مقدمة فهي من مقولة الوضع ، وإن قلنا : إنّ الواجب هو الفعل الصادر من المكلّف ، فيكون الهُويّ حركة في الوضع إلى أن تنتهي بترك الأوضاع المتلاحقة إلى حدّ الركوع والسجود.
وعلى ضوء ذلك تكون الصلاة أمراً اعتبارياً باعتبار إطلاقها على ما يشتمل على أزيد من مقولة وأمّا الغصب فهو أمر انتزاعي بشهادة انّه ينتزع من أمرين مختلفين في الماهية.
١. قد ينتزع من التصرف في مال الغير ، كلبس ثوب الغير.
٢. قد ينتزع من الاستيلاء على مال الغير بلا تصرف فيه ، كما إذا منع المالك من التصرف في ماله فيكون الغصب عنواناً انتزاعياً ، تارة ينتزع من التصرف في مال الغير ، وأُخرى من الاستيلاء على مال الغير وإن لم يتصرف فيه ، فمثل ذلك لا يكون داخلاً تحت مقولة وإنّما يكون أمراً انتزاعياً ، فحديث التركيب الاتحادي والانضمامي في المقام أشبه بالسالبة بانتفاء الموضوع ، وعلى ذلك فالغصب ليس من الماهيات المتأصلة ليستحيل اتحاده مع الصلاة خارجاً وانّه من المفاهيم الانتزاعية القابلة للانطباق على ماهيات متعددة ، وعليه فلا مانع من انطباقه على الصلاة.
الثالث : انّ القول بتعدّد الحركة وانّ الحركة الصلائية غير الحركة الغصبية يخالف الحس والوجدان ، إذ لا يصدر عن المصلي إلا حركة واحدة وعلى فرض صدور حركتين فالحركة الثانية أيضاً بما انّها تصرف في مال الغير توصف بالغصب أيضاً.
على أنّ استنتاج الحكم الشرعي من هذه المقدّمات الفلسفية المبتنية على مقدّمات غير واضحة لا يمكن الاعتماد عليه.