نفسه وتعذيرها بخلاف المقام فانّ المسوغ مقارن مع التكليف حيث إنّ الأمر بالصلاة في الدار المغصوبة ليس على النحو التعييني من أوّل الأمر.
٥. إن قلت : إنّ وزان الإرادة التشريعية كوزان الإرادة التكوينية ، أو إنّ وزان الإرادة الأمرية كوزان الإرادة الفاعليّة. فكما لا ينقدح في ذهن الفاعل ، إرادتان متضادّتان ، بأن يريد إيجاد الشيء في وقت ، وتركه وعدمه في نفس ذلك الوقت ، فهكذا لا ينقدح في ذهن الآمر إرادتان متضادّتان فيطلب الشيء ( الصلاة التوأمة مع الغصب ) في وقت ، وتركه في نفس ذلك الوقت.
قلت : إنّ قياس الإرادة التشريعية بالإرادة الفاعلية قياس مع الفارق ، فانّ الإرادة الفاعلية علّة تامّة لتحقّق المراد فلا يمكن اجتماع علّتين تامّتين ـ فضلاً عن كونهما متضادّتين ـ على شيء واحد ، وهذا بخلاف التشريعية فانّها ليست علّة تامّة لتحقّق المراد ، سواء أقلنا بأنّها تتعلّق بفعل الغير كما هو المعروف ، أو تتعلّق بالبعث والطلب كما هو المختار. وعلى كلّ تقدير فبما انّها ليست علّة تامّة لتحقق المراد ، بل أشبه بالداعي ، فلا إشكال في تعلّق إرادتين تشريعيتين بمراد واحد بعنوانين ولا يلزم من جعل الداعيين ، التكليفُ بما لا يطاق ، بل فائدة تعلّقهما انّه لو جمع بين المأمور به والمنهي عنه ، يكون مطيعاً من جهة وعاصياً من جهة أُخرى.
* * *
الوجه السادس : استكشاف جواز الاجتماع من عدم ورود النص على عدم جواز الصلاة في المكان واللباس المغصوبين ، مع عموم الابتلاء به في زمان الدولتين : الأموية والعباسية ، خصوصاً على القول بحرمة الغنائم التي كانوا يغنمونها عن طريق جهاد العدو ابتداءً الذي هو حق طلق للإمام العادل أو المعصوم.