حيث إنّ القدرة في ظرف من الظروف ـ أعني : قبل الدخول ـ تصحح العقوبة على التصرّف الخروجي وإن لم يكن في ظرف العمل قادراً ، وقد عرفت فيما سبق أنّ الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار ملاكاً وعقوبة.
نعم ينافي الاختيار حكماً وخطاباً ولذاك قلنا بسقوط الخطاب السابق وبقاء الملاك ، أعني : العقاب وهو الرابع.
وبذلك يظهر الحال فيما أفاده السيد المحقّق البروجردي حيث قال : إذا سقط النهي فلا معنى للعصيان والمخالفة ومجرّد كون الاضطرار بسوء الاختيار لا يوجب المخالفة والعصيان ، مع عدم النهي الفعلي. (١)
يلاحظ عليه : أنّ صدق العصيان ، ليس رهن النهي الفعلي ، بل يكفي في ذلك تمامية الحجّة عليه ولو قبل العمل ، فالساقط من شاهق عاص بسقوطه وإن لم يكن النهي فعلياً ، لتمامية الحجّة عليه ، فمن علم بنجاسة أحد الإناءين تمّت الحجّة عليه ولزمه الاجتناب مطلقاً ، ولو اضطرّ إلى أحد الأطراف لا يحل له الطرف الآخر وإن لم يكن العلم الإجمالي موجوداً لتماميّة الحجّة عليه قبل الاضطرار ، وهو كاف في إيجاب الاجتناب عن الإناء غير المضطر إليه.
فخرجنا بالنتيجة التالية : نظرية المحقّق الخراساني هي أقوى النظريات في المقام ، فلندرس سائر الأقوال على الترتيب المذكور في صدر البحث.
الأوّل : الخروج منهي عنه بالنهي الفعلي فقط
ذهب السيد المحقّق البروجردي إلى أنّ الخروج حرام وليس بواجب ، أمّا أنّه حرام فلأنّ التصرّف في مال الغير ، بغير إذنه أو مع نهيه ، حرام وخروج عن طاعة
__________________
١. لمحات : ٢٤٢.