الشيخ ـ بأنّ حرمة البقاء الذي هو من مصاديق الغصب ، يستلزم وجوب تركه والخروج مقدّمة له.
ومن المعلوم أنّ المقدّمات ممنوعة لعدم دلالة حرمة الشيء على وجوب تركه حتّى تجب مقدّمته.
وأمّا الثالث ، أي كون النهي السابق ساقطاً فلأجل عدم إمكان امتثاله بعد التوسط ، فقوله : لا تغصب ، وإن كان قبل الدخول يعمّ الدخول والبقاء والخروج ، لأنّ الجميع من مصاديق الغصب ، لكنّه بعد الدخول ولو بسوء الاختيار لا يتمكن المكلّف من امتثال قوله لا تغصب المتمثّل في البقاء والخروج.
نعم ذهب العلاّمة الطباطبائي إلى تصحيح وجوب الخطاب ( لا تغصب ) ولو بعد ما توسط الأرض المغصوبة قائلاً : بأنّه يكفي في صحّة الخطاب ترتّب الأثر عليه وإن كان الأثر نفس العقاب ، ويكفي في القدرة ، القدرة على الامتثال في ظرف من الظروف ، والشرطان حاصلان والمكلّف كان قادراً على ترك التصرّف الخروجي قبل الدخول ، وهو يكفي في بقاء الخطاب حتى في صورة العجز عن الامتثال كما إذا توسّطها ، وفائدة الخطاب مع عجزه هي صحّة عقابه ومؤاخذته. (١)
يلاحظ عليه : أنّه خلط بين الخطاب النابع عن الإرادة الجدّية في حال الاضطرار وبين قيام الحجة على المضطر في هذا الظرف ، والأوّل منتف ، لامتناع تعلّق الإرادة بفعل العاجز ، والثاني ثابت بلا كلام ، لأنّ القدرة قبل الدخول أتمّت الحجّة على العبد في جميع أحواله من الدخول والبقاء والخروج ، والقدرة في ظرف خاص إنّما تكفي في إتمام الحجّة حين المخالفة لا في توجّه الخطاب.
وأمّا الرابع ، فهو جريان حكم المعصية عليه وكونه معاقباً فقد علم ممّا ذكرنا
__________________
١. التعليقة على الكفاية : ١٤٣.