بل الشمول مستند إلى دلالة العقل ، وهي انّ الطبيعة لا تنعدم إلا بانعدام جميع أفرادها ، فعندئذ تقدّم الدلالة الشمولية على البدلية لقوّة الدلالة العقلية على الدلالة الإطلاقية.
ثمّ إنّ المحقق الخراساني نصر المستشكل الأوّل وردّ الإشكال عليه بما هذا توضيحه : إنّ دلالة النفي أو النهي على العموم والاستيعاب أمر لا ينكر إلا أنّ سعة العموم والشمول تابع لما يراد من مدخولهما ومتعلّقهما ، وعندئذ تختلف سعة الشمول حسب اختلاف المتعلّق.
فلو أُريد من المتعلّق الطبيعة المطلقة فيدل النفي والنهي على سعة دائرة الشمول ، وأمّا إذا أُريد من المدخول الطبيعة المقيّدة فيتوجه النفي والنهي على الطبيعة المقيّدة ، فالسعة والضيق في جانب النفي والنهي رهن سعة المتعلّق وضيقه وهما فرع جريان مقدّمات الحكمة فيه.
ويتّضح الأمران في المثالين التاليين :
١. لا رجل في الدار.
٢. لا رجل عادل في الدار.
فتجد أنّ النفي في الأوّل أوسع دائرة من النفي في الثاني ، ويعود ذلك إلى سعة المتعلّق وضيقه ، فإذا اتّضح ذلك ، نقول : إنّه لا فرق بين الدلالة البدلية والشمولية في الأقوائية ، لأنّ البدل كما هو نتيجة الإطلاق فهكذا الشمول هو نتيجة إجراء مقدّمات الحكمة ، حيث أخذ المولى الطبيعة المطلقة متعلّقة بالنهي من دون قيد ولو كان المراد هو الطبيعة المقيّدة لكان عليه الإتيان بالقيد.
هذا ما أفاده في الكفاية.