ثمّ إنّه قدسسره احتمل احتمالاً ضعيفاً أشار إلى ضعف الاحتمال بقوله : « اللّهم ». (١)
وحاصل الاحتمال : أنّ المخاطب في استفادة الشمول لفي غنى عن إجراء مقدّمات الحكمة ، وذلك لأنّ مكانة النهي والنفي في لغة العرب كلفظة كلّ في كلّ رجل ، فكما أنّ استفادة الشمول في الثاني غير موقوف على إجراء مقدّمات الحكمة في متعلّقه ( رجل ) بل السامع ينتقل إلى السريان والشمول لأجل لفظة كلّ ، فهكذا المقام ، حيث إنّ دلالة النفي والنهي على الشمول والاستيعاب تُغني المخاطب عن اجراء مقدمات الحكمة ، وهذا هو الذي أشار إليه المحقّق الخراساني بقوله :
اللّهمّ إلا أن يقال : إنّ في دلالتهما على الاستيعاب كفاية ودلالة على أنّ المراد من المتعلّق هو المطلق كما ربّما يدعى ذلك في مثل « كلّ رجل » وانّ مثل لفظة « كل » يدلّ على استيعاب جميع أفراد الرجل من غير حاجة إلى ملاحظة إطلاق مدخوله وقرينة الحكمة ، بل يكفي إرادة ما هو معناه من الطبيعة المهملة. (٢)
ومع أنّ المحقّق الخراساني ـ حسب ما أفاده أخيراً ـ قوّى ( الأمر الثالث ) أي الإشكال ، على الإشكال ، لكنّه لم يقبل دليله من أنّه لو كان الشمول مستفاداً من الإطلاق لكان استعمال مثل « لا تغصب في بعض الأفراد حقيقة ... » بل اعترف بكونه حقيقة على جميع المباني ، سواء قلنا بأنّ الشمول مستند إلى مقدّمات الحكمة فواضح ، لعدم جريانها مع وجود القرينة ولا على القول بأنّ دلالته على الشمول بالالتزام أو بالوضع ، لأجل تعدّد الدال والمدلول بمعنى انّ الخصوصية مستفادة من القرينة لا من استعمال قوله : « لا تغصب » في بعض الأفراد كما سيوافيك
__________________
١. وقد أيّده المحقّق البروجردي في درسه الشريف ، لاحظ لمحات الأُصول : ٣٠٧.
٢. كفاية الأُصول : ١ / ٢٧٦.