توضيحه في فصل « انّ العام بعد التخصص حقيقة وليس بمجاز ».
وأنت خبير بضعف ما احتمله ، إذ لا فرق بين النفي والنهي ولفظة « كلّ » في أنّ استفادة السعة والضيق تابع لسعة المتعلّق وضيقه ، هذا من جانب.
ومن جانب آخر : انّه كان في وسع المكلّف تقييد المتعلّق في جانب النفي والنهي ، ومع التقييد تضيق دائرة الشمول ، والدالّ على عدم القيد هو الإطلاق بإجراء مقدّمات الحكمة ، فالاشكال على الاستدلال متوجّه.
نعم يرد على الاستدلال بأنّه انّما تقدّم الدلالة الشمولية على البدلية إذا كانت الأُولى وضعية والثانية إطلاقية ، فإذا قال المولى : لا تكرم الفسّاق ، وقال : أكرم عالماً ، فبما أنّ دلالة الأوّل على الشمول بالدلالة اللفظية ، أعني : الجمع المحلّى باللام ، ودلالة الثاني على كفاية فرد من أفراد الطبيعة ، بالدلالة العقلية ، فلا مناص من تقديم الدلالة الوضعية على الدلالة العقلية عند التّعارض في العالم الفاسق ، لأقوائية الوضعية وعدم توقّف تمامية دلالتها على شيء ، بخلاف الدلالة العقلية ، فانّها فرع عدم ما يصلح للقرينيّة ، والوضعية صالحة لها ، وأمّا الشمولي والبدلي الإطلاقيان كما في المقام ، فكلّ منهما يصلح للتصرّف في الآخر ، فلا مرجّح للتقديم.
الثاني : دفع المفسدة أولى من جلب المنفعة
وحاصل هذا الدليل أنّ في امتثال الأمر جلب المصلحة وفي مخالفة النهي وجود المفسدة ، فإذا دار الأمر بين كون شيء واجباً أو حراماً فقد دار الأمر بين حيازة المصلحة ودفع المفسدة ، فترك الفعل لأجل دفع المفسدة المحتملة أولى من امتثاله لجلب المصلحة المحتملة.