يلاحظ عليه : بأنّ المسألتين متميّزتان جوهراً قبل تميّزهما بالاغراض وجهـات البحث ، فأين قولنا : هل يجوز تعلّق الأمر والنهـي بشيئين مختلفين في مقـام التعلق ، ومتحدين في مقام الوجود ، أو لا؟ من قولنا : هل النهي يكشف عن الفساد أو لا؟ وقد مرّ أنّ لفظ الكشف جامع للدلالة اللفظية ، والملازمة العقلية.
هذا إذا قلنا بأنّ النزاع في المسألة السابقة كبروي ـ كما هو المختار ـ وأمّا إذا قلنا بأنّ النزاع فيها صغروي ـ كما هو مختار المحقّق الخراساني ـ بأن يقال : ـ بعد تسليم امتناع الكبرى ـ هل تعدد العنوان يوجب تعدد المعنون أو لا؟ فهذا النوع من البحث غير ما هو المبحوث عنه في المقام.
والذي يعرب عن تمايز المسألتين بجوهرهما هو لزوم وجود الأمر في المسألة السابقة ، دون هذه المسألة ، بل يكفي وجود النهي سواء أكان معه أمر ـ كما في العبادات ـ أو لا كما في المعاملات.
نعم لو قلنا في المسألة السابقة بالامتناع ، وقدّمنا النهي على الأمر ، تكون نتيجة البحث في المسألة السابقة ، صغرى لهذه المسألة ، وأمّا لو قلنا بجوازهما ، أو قلنا بالامتناع لكن بتقديم الأمر على النهي ، فلا صلة بين المسألتين أبداً.
الثالث : انّ البحث في المسألة السابقة عقلي محض ، كما يعلم من براهين المجوّزين والمانعين ، وأمّا المقام ، فذهب المحقّق النائيني (١) تبعاً للشيخ الأنصاري في مطارح الأنظار (٢) إلى أنّ البحث في المقام أيضاً عقلي ، كما أنّ المتبادر من المحقّق الخراساني أنّ البحث لفظي ، قال : لا يخفى انّ عدّ هذه المسألة من مباحث الألفاظ إنّما هو لأجل انّه في الأقوال قول بدلالته على الفساد في المعاملات مع إنكار الملازمة بينه وبين الحرمة. (٣)
__________________
١. فوائد الأُصول : ١ / ٤٥٥.
٢. مطارح الأنظار : ١٦١.
٣. كفاية الأُصول : ١ / ٢٨٣.