فالغيري مطلقاً داخل في عنوان النزاع لشمول قوله : هل النهي يدلّ على الفساد للنهي المفهوم بالدلالة المطابقية أو الالتزامية.
وأمّا لو قلنا بأنّ ملاك التقسيم إليها هو الثبوت لا الإثبات ، فلو كان الشيء متعلّقاً للإرادة على وجه الاستقلال عند الالتفات إليه بما هو عليه فهو أصلي ، وإن كان متعلّقاً بهاتبعاً لإرادة غيره من دون التفات إليه فهو تبعي ، فلو قلنا بهذا التفسير فالغيري التبعي بما انّه ليس مدلولاً للدلالة يكون داخلاً في محط البحث ملاكاً لاعنواناً.
هذا هو توضيح ما أفاده المحقّق الخراساني. (١)
يلاحظ عليه بأمرين :
الأوّل : أنّ القول بانصراف النهي إلى التحريمي وخروج التنزيهي عن مدلوله غير تامّ ، لأنّ الانصراف إمّا لكثرة استعمال النهي في التحريمي ، أو لكثرة وجوده ، وكلاهما منتفيّان ، فانّ النهي استعمل في التنزيه كثيراً وله مصاديق متوفرة ، فالتحريمي والتنزيهي أمام العنوان سواء.
الثاني : أنّه جعل الغيري التبعي تارة داخلاً في عنوان النزاع ، وأُخرى داخلاً فيه بملاك النزاع لا بعنوانه ، مع أنّ الأصلي أيضاً كذلك ، فلو فسّر الأصلي بما تعلّق به الخطاب على وجه الاستقلال ، فهو داخل في عنوان النزاع ، وان فسّر بما تعلّقت به الإرادة الاستقلالية وإن لم يتلفّظ به المولى ، فهو داخل في البحث ملاكاً ، اللّهمّ إلا أن يقال إذا كان الشيء متعلّقاً للإرادة الاستقلالية لا ينفك عن كونه متعلّقاً للنهي اللفظي مطلقاً ، فكأنّ الأصلي بكلا التفسيرين داخل في عنوان النزاع.
ثمّ إنّ المحقّق النائيني أخرج النهي التنزيهي عن محل النزاع قائلاً : بأنّ
__________________
١. كفاية الأُصول : ١ / ٢٨٤.