فأتى به أو تركه بنيّة أمره ونهيه ، يكون الفعل والترك حراماً تشريعياً لا ذاتياً ، فالفعل والترك ربّما لايكون واجباً ولا حراماً بالذات ، لكن ادّعاء تعلّق الأمر أو النهي به شرعاً ، يصيِّره حراماً تشريعياً ، ويحكم عليه بالفساد ، سواء أقلنا بأنّ الصحة رهن الأمر ، فالمفروض انّه لا أمر له ـ وإلا لم يكن حراماً تشريعاً ـ أو رهن الملاك والمفروض عدم العلم به ، لأنّ الكاشف عنه هو الأمر والمفروض عدمه. وعلى ذلك حمل النواهي المتعلّقة بصوم يوم العيدين ، وصلاة الحائض وصومها ، وقد مضى انّ الظاهر انّها من قبيل القسم الثالث الذي سيوافيك. ولعل منه ، النهي عن إقامة صلاة النوافل في ليالي رمضان بالجماعة.
ثمّ أشار في « الكفاية » إلى قسم من النهي وأسماه بالعرضي ، وهو النهي المتولّد من الأمر بالشيء المقتضي للنهي عن ضده ( الصلاة ) عرضاً ، فهذا النهي بما انّه عرضي ، لا يوجب الفساد ، إذ ليس هنا إلا واجب واحد ، وهو الإزالة ، ونسبة النهي إلى ضده ، أعني : الصلاة ، نسبة مجازية.
الثالث : النهي الإرشادي
قد عرفت أنّه إذا أمر المولى بعنوان طريق لإحراز المصالح ، فالأوامر والنواهي المبيّنة ، لإجزائه وشرائطه وموانعه ، نواهي إرشادية إلى بيان الأجزاء والشرائط والموانع ، وربما يكون المرشد إليه هو الكراهة كما في النهي عن الصلاة في الحمام ، وفي البيت وهو جار للمسجد ، فانّ المتبادر ـ بعد الإجماع على الصحة ـ هو الإرشاد إلى الكراهة.
وربّما يكون النهي المتعلّق بالعنوان ، إرشاداً إلى كونه فاسداً كما في النهي عن صوم العيدين.