يلاحظ عليه : أنّ الشرط الثاني لصحّة المعاملة عبارة عن عدم كون البائع محجوراً شرعاً كالسفيه ، وعدم كون مورد المعاملة متعلّقاً لحقّ الغير كالعين المرهونة التي تعلّق بها حقّ المرتهن أو ورثة الميّت ، وكأموال المفلّس التي تعلّق بها حقّ الديّان.
وأمّا ما ادّعاه من أنّ شرط صحّة المعاملة اشتراط كون التصرّف حلالاً وغير حرام ، فلم يقم عليه دليل ، فإذا كان التصرّف مبغوضاً ، لا لأجل تعلّق حق الغير به ، ولا لأجل كون المتصرّف محجوراً ، بل لنهي الشارع عن التصرّف كالنهي عن بيع المصحف فلا دليل على كونه شرطاً في الصحّة ، نعم هو حرام لكن ليس كلّ حرام باطلاً.
ثمّ إنّ الموارد التي استشهد بها على ما ادّعى من الشرط مورد نظر :
أمّا الأوّل ، أعني : فساد الإجارة على الواجبات المجانية ، فإنّما هو لأجل تعلّق غرض الشارع بتحقّقها في الخارج بالمجان لا لكون العمل مملوكاً للّه سبحانه أو كون الأجير محجوراً عن التصرّف ، وذلك فان أريد من كونه مملوكاً للّه تكويناً فالكون وما فيه حتّى أفعال الإنسان مملوك للّه سبحانه مع أنّه يجوز عقد الإجارة على فعله.
وإن أريد كونه مملوكاً للّه تعالى اعتباراً وبالتقنين والتشريع ، فاللّه سبحانه فوق هذا وفي غنى عن كونه مالكاً قانوناً بعد كونه مالكاً حقيقة.
وأمّا قوله سبحانه : ( فَأَنَّ لِلّهِ خُمْسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى ) (١) فاللام للاختصاص لا للملكية ، وعلى فرض كونها للملكية بعد كونه سبحانه مالكاً لأجل اقترانه بمالكية الرسول وذي القربى ، فعبّر عن الأوّل بلفظ الأخيرين وهذا
__________________
١. الأنفال : ٤١.