المعاملة مؤثرة صحيحة ، وأمّا إذا كان عن السبب فلا لكونه مقدوراً وإن لم يكن صحيحاً. (١)
وحاصله انّ النهي عن السبب لا يكشف عن الصحّة ، لأنّ حرمة السبب عبارة عن حرمة التلفّظ به في حال النداء والإحرام ، وهو مقدور مطلقاً قبل النهي وبعده ، نعم يكشف النهي عن الصحّة فيما إذا تعلّق النهي بمضمون المعاملة ، أي تملّك الكافر المصحفَ والعبدَ أو تعلّق النهي بالتسبب ، فانّ النهي كاشف عن كون المعاملة المنهية مؤثرة في حصول السبب وهو آية الصحة.
يلاحظ عليه : بوجود الفرق بين العبادات والمعاملات فانّ الأُولى مخترعات شرعية بخلاف الثانية فانّها مخترعات عقلائية ، وقد تحقّق الاختراع والتسمية بالبيع والإجارة وغيرها قبل بزوغ شمس الرسالة ولم يتصرف الشارع فيها إلا بإضافة شرط أو جزء أو بيان مانع ، فعلى ذلك فأسماء المعاملات اسم للصحيح عند العرف والعقلاء ونهي الشارع دليل على أنّ المعاملة مؤثرة في حصول هذا النوع من الصحّة ، أي الصحّة العرفية ، ومن المعلوم أنّ الصحة العرفية لا تثبت مطلوب المستدل فانّه يريد أن يستدل بالنهي على الصحة الشرعية لا العرفية وبينها من النسب عموم وخصوص مطلق أو من وجه ، فكلّ صحيح عند الشرع صحيح عند العقلاء دون العكس ، فالبيع الربوي صحيح عند العقلاء وليس كذلك عند الشرع.
وبعبارة أُخرى فأقصى ما يدل عليه النهي تأثير المعاملة في الصحة العرفية ، وهي ليست بمطلوبة ، وإنّما المطلوب دلالة النهي على الصحّة الشرعية.
__________________
١. الكفاية : ١ / ٢٩٩ ـ ٣٠٠.