تمييز أحد الأمرين وليس هنا ضابطة تعيّن أحد الأمرين.
وقد حاول المحقّق الخوئي قدسسره أن يضع ضابطة لتمييز ما يرجع إلى الحكم ، عمّـا يرجع إلى غيره ، وحاصل ما أفاده في المقام وما أوضحه في « المحاضرات » : هو انّ الحكم ، أي الوجوب ، لو كان مستفاداً من الهيئة فالغاية تارة ترجع إلى المتعلّق وأُخرى إلى الموضوع ولا ترجع إلى مفاد الهيئة أي الحكم.
أمّا الأوّل : فمثل قوله سبحانه : ( ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلى اللَّيْلِ ) (١) فانّ المتبادر أنّ الصيام محدد بالليل ، كأنّه يقول : « الصيام إلى اللّيل ، يجب ».
وأمّا الثاني ، فكقوله سبحانه : ( فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ ) (٢) ففيه أُمور ثلاثة :
١. الوجوب الذي هو مفاد الهيئة.
٢. الغسل ، وهو متعلّق الوجوب.
٣. الموضوع وهو اليد ، فالمتبادر من الآية كون الغاية قيداً للثالث ، كأنّه يقول : اليد المحدّدة بالمرافق ، يجب غسلها.
ونظير ذلك إذا قال : « اكنس المسجد من الباب إلى المحراب » ، فانّ المتبادر من الكلام كون الغاية قيداً للموضوع ( المسجد ) ، لا للوجوب ، ولا للكنس الذي يعبّر عنه بالمتعلّق.
ومثله قوله سبحانه : ( وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلى الْكَعْبَين ) فانّ المتبادر أنّ الغاية قيد للأرجل ، لا للوجوب ولا للغسل.
__________________
١. البقرة : ١٨٧.
٢. المائدة : ٦.