وبعبارة أُخرى : انّ السير المحدّد بالابتداء من البصرة ، والانتهاء إلى الكوفة تعلّق به الطلب ولا دلالة له إلا على ثبوت الحكم على المحدّد ، وأمّا نفيه عن غيره فلا دلالة له بوجهين :
١. عدم ثبوت الوضع لذلك.
٢. عدم قرينة ملازمة للقضية دلّت على اختصاص الحكم بالمغيّى وعدم ثبوته في غيره.
فإن قلت : لو كان الحكم ثابتاً لغير المغيّى ، فما فائدة التقييد بالغاية؟
قلت : إنّ الفائدة غير منحصرة بدلالتها على ارتفاع الحكم ، بل لها فوائد كسائر أنحاء التقييد على ما مرّ في مفهوم الوصف.
هذا وقد اختاره المحقّق النائيني (١) والمحقّق العراقي (٢) والسيّد المحقّق الخوئي (٣) كلّ بتعابير متقاربة.
هذا وإنّ تردد رجوع القيد إلى الحكم أو الموضوع أمر ذائع في الفقه ، مثلاً كون السفر سائغاً لا حراماً ، فهل هو قيد لوجوب القصر؟ فكأنّه قال : قطع المسافة الشرعية موجب للقصر إذا كان السفر سائغاً ، أو قيد للموضوع ، أعني : المسافة ، فكأنّه قال : قطع المسافة الشرعية إذا كان سائغاً موجب للقصر؟ فالسيد الطباطبائي في عروته على الأوّل ، والشيخ الأنصاري على الثاني. ولكلّ أثر شرعي خاص مذكور في محلّه.
أقول : إنّ ما أفاده المحقّق الخراساني وإن كان صحيحاً إلا أنّ الكلام في
__________________
١. أجود التقريرات : ١ / ٤٣٧.
٢. نهاية الأفكار : ١ / ٤٩٧ ـ ٤٩٨.
٣. المحاضرات : ٥ / ١٣٧ ـ ١٤٠.