وعلى أيّ تقدير فالظاهر أنّ المراد من الحصر ، حصر الخارج عن حكم المستثنى منه ، في المستثنى وانّه لم يخرج عنه سواه ، وقد عبّر عن الحصر في الكفاية بقوله لا شبهة في دلالة الاستثناء على اختصاص الحكم سلباً أو إيجاباً بالمستثنى منه ولا يعمّ المستثنى. (١)
ويدلّ على الحصر بالمعنى المختار أمران :
١. تبادر الحصر
يتبادر الحصر من موارد استعمالاته في الكتاب والسنّة.
أمّا الكتاب فقوله سبحانه : ( والعَصْر * إِنَّ الإِنسانَ لَفِي خُسْر * إِلاّ الّذِينَ آمَنُوا ... ). (٢)
إذ لو لم تدل على الحصر لما تمّ الاحتجاج على الطوائف الخارجة عن الطوائف الأربعة الواردة في نفس السورة ، إذ هي بصدد التنديد بسائر الطوائف ، فلو لم تدل على الحصر واحتمل خروج بعض الطوائف عن الحكم عليهم بالخسران ، لما تمّ التنديد ، لأنّ كلّ طائفة ـ غير الأربع ـ يتصوّر انّها الخارجة عن حكم الآية.
وأمّا السنّة فقوله : « لا تعاد الصلاة إلا في خمسة : الطهور والوقت والقبلة ، والركوع والسجود » (٣) على نحو لو دل دليل على لزوم اعادتها بفوت القيام المتّصل بالركوع ، لعدّ مخالفاً للمفهوم ، ويلزم تخصيصه به ، لأنّ المنطوق أخصّ من المفهوم.
__________________
١. كفاية الأُصول : ١ / ٣٢٦.
٢. العصر : ١ ـ ٣.
٣. الوسائل : ٤ ، الباب ١٠ من أبواب الركوع ، الحديث ٥.