هو ليس ببعيد. (١)
توضيحه : انّه لو قلنا بأنّ حكم المستثنى مستفاد من الخصوصية الموجودة في الجملة الاستثنائية وانّ حكمه لازم الخصوصية ، فالدلالة تكون مفهومية ، والمراد من تلك الخصوصية هو « حصر المجيء في قوم غير زيد » فيفهم منه عدم مجيء زيد ، فعدم مجيئه ليس مصرحاً به في الكلام وإنّما المصرّح به هو مجيء القوم ، نعم قيد القوم بغير زيد.
وأمّا لو قلنا : إنّ لفظة إلا بمعنى « استثني » فاللفظ قائم مقام ذلك الفعل ، فتكون الدلالة منطوقية لاستفادة حكم زيد من لفظة « إلا ».
يلاحظ عليه : أنّ الظاهر انّ الدلالة منطوقية ، وذلك لأنّ هيئة الجملة الاستثنائية موضوعة لإفادة معنيين :
١. ثبوت الحكم للمستثنى منه.
٢. ونفيه عن المستثنى.
وقد سبق تمثيل الخطيب القزويني للحصر الافرادي بقوله : « ما زيد إلا شاعراً » وفي الحصر القلبي بقوله : « ما زيد إلا قائماً » فاستفادة كلّ من الحكمين من المنطوق ودلالة الهيئة الاستثنائية على حكم كلّ من المستثنى منه والمستثنى دلالة لفظية تضمنية.
وبذلك يسقط الاحتمال الثاني ، أعني : كون إلا بمعنى « استثنى ».
وأما الثالث ، أعني : دلالة الجملة الاستثنائية على حصر الخروج في المستثنى فهو محتمل الأمرين ، وبما انّه لا يترتب على تعيين ذلك ثمرة عملية فلا نخوض فيه.
__________________
١. كفاية الأُصول : ١ / ٣٢٨.