البالغ وهكذا.
وعلى ضوء ما ذكرنا فلا تخصيص واقعاً ، إذ لم ينعقد للعام ظهور في العموم ، حتّى يخصص ، بل تولد العام من لدن صدوره مخصصاً ومضيقاً ، ولو يوصف بالمخصص ، فإنّما هو لأجل وجود نتيجة التخصيص فيه ، لا نفسه ، نظير قول القائل : « ضيّق فم الركيّة ».
٢. المخصص المنفصل والإرادة الاستعمالية
ما ذكر من البيان يرجع إلى المخصص المتصل ، وأمّا المخصص المنفصل كما إذا قال : أكرم العلماء ، وقال بعد فترة : لا تكرم فسّاق العلماء ، فهذا أيضاً لا يوجب مجازية العام ، أي استعمال العلماء في المثال الأوّل في العلماءغير الفسّاق ، بل العام فيه استعمل في نفس معناه اللغوي الوسيع ، بالإرادة الاستعمالية ، وإن كانت الإرادة الجدية متعلّقة بالعلماء غير الفساق ، وملاك الحقيقة والمجاز هي الإرادة الأُولى دون الثانية. وإليك توضيحه :
إنّ للمتكلّم إرادتين :
١. إرادة استعمالية ، وهي إطلاق اللفظ وإرادة معناه ، سواء أكان هازلاً ، أو غير هازل ، مختبراً بكلامه مدى استعداد المخاطب لامتثال أمره ، أو غير مختبر ، مجداً في طلب المأمور به أو غير مجد.
ففي مورد الهازل والمختبر ، توجد الإرادة الاستعمالية دون الجدية ، بخلاف المتكلّم لا عن هزل ولا عن اختبار ، فالإرادة الاستعمالية ترافق الجدية.
كلّ هذا يدلّ على وجود الإرادتين ، فتارة يتفارقان كما في الهازل والمختبر ، وأُخرى يرافقان كما في الأوامر الجدية.